
لم يعد اسم محمد صلاح، قائد منتخب مصر ونجم نادي ليفربول الإنجليزي، مجرد لاعب كرة قدم عالمي يُبهِر الجماهير بموهبته وأهدافه الساحرة، بل أصبح رمزًا للإصرار والطموح والإرادة التي لا تعرف المستحيل.
فمنذ أن وطأت قدماه الملاعب الإنجليزية في صيف 2017 قادمًا من روما الإيطالي، خط “الملك المصري” اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الكرة العالمية، ليعيد رسم صورة اللاعب العربي والمصري على الساحة الأوروبية، ويؤكد أن النجاح لا تحكمه حدود جغرافية ولا قيود ثقافية.
وفي موسم استثنائي من مسيرته المليئة بالإنجازات، كتب محمد صلاح فصلًا جديدًا من المجد بعدما اقتنص جائزة أفضل لاعب في إنجلترا لعام 2025 المقدمة من رابطة اللاعبين المحترفين، ليصبح أول لاعب في تاريخ البريميرليج يحقق هذا الإنجاز ثلاث مرات في مسيرته، متجاوزًا أساطير الدوري الإنجليزي مثل آلان شيرر، تييري هنري، كريستيانو رونالدو، وكيفين دي بروين، الذين اكتفوا بالفوز بالجائزة مرتين فقط.
تفوق على الكبار.. واعتلاء القمة من جديد
الحفل الذي استضافته مدينة مانشستر الإنجليزية كان شاهدًا على تتويج صلاح، وسط حضور كوكبة من نجوم الكرة الإنجليزية السابقين والحاليين.
ورغم المنافسة القوية مع أسماء لامعة أمثال أليكسيس ماك أليستر، ألكسندر إيزاك، برونو فيرنانديز، كول بالمر، وديكلان رايس، فإن صلاح فرض نفسه على القمة، ليبرهن أنه لا يزال الرقم الأصعب في كرة القدم الإنجليزية.
هذا التتويج لم يكن مجرد جائزة فردية تضاف إلى دولاب إنجازاته، بل كان تكريمًا لموسم تاريخي قدّمه اللاعب المصري، قاد فيه فريقه ليفربول للتتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة العشرين في تاريخه، معادلًا الرقم القياسي لمانشستر يونايتد.
حصاد تاريخي في موسم واحد
لم يكتف صلاح بجائزة الأفضل، بل هيمن على معظم الجوائز الفردية في إنجلترا خلال موسم 2024 – 2025:
-
الحذاء الذهبي كأفضل هداف للبريميرليج بعدما سجل 29 هدفًا.
-
أفضل صانع للأهداف بعد تقديمه 13 تمريرة حاسمة، ليؤكد أنه ليس مجرد هداف بل صانع لعب بارع.
-
جائزة رابطة البريميرليج لأفضل لاعب في الدوري.
-
جائزة رابطة الصحفيين الرياضيين بعدما حصد 90% من أصوات النقاد، في سابقة لم تحدث منذ تأسيس الجائزة.
وبهذا الموسم الاستثنائي، رفع صلاح رصيده إلى 4 أحذية ذهبية في الدوري الإنجليزي الممتاز، ليعادل الرقم التاريخي لتييري هنري، ويصبح ثاني لاعب في تاريخ المسابقة يصل لهذا الإنجاز.
التشكيلة المثالية.. مكان ثابت للملك المصري
لم يكن مفاجئًا أن يتواجد صلاح في التشكيلة المثالية للدوري الإنجليزي لعام 2025، حيث جاء بجانب نجوم ليفربول الآخرين: فيرجيل فان دايك، أليكسيس ماك أليستر، ورايان جرافينبيرش.
اللافت أن التشكيلة جاءت خالية من لاعبي مانشستر سيتي، وهو مؤشر على التحول الكبير في موازين القوة داخل البريميرليج هذا الموسم، حيث لعب صلاح دورًا رئيسيًا في إعادة ليفربول إلى عرش الكرة الإنجليزية.
رسالة ملهمة للشباب.. سر النجاح في الإيمان بالنفس
وخلال تسلّمه الجائزة، لم ينس محمد صلاح أن يوجه رسالة إنسانية ملهمة للشباب، فقال:
“إنه شعور لا يُصدَّق، أن أفعل هذا في سن الثالثة والثلاثين أمر مذهل، أنظر إلى نفسي؛ شاب جاء من مصر، وصل إلى أعلى المستويات وصنع التاريخ وحقق هذه الجائزة 3 مرات.”
وأضاف النجم المصري كلماته التي ستبقى محفورة في ذاكرة عشاقه:
“مهما كان حلمك في الحياة، واصل السعي لتحقيقه. قد لا يكون النور ساطعًا في هذه اللحظة، لكن ثابر على إيمانك وسيتحقق. عندما تكون صغيرًا، قد تجد صعوبة في أن تؤمن بنفسك، لكن عندما تعلم أنك تفعل الشيء الصحيح مرارًا وتكرارًا، حينها سترى جميع أحلامك تتحقق.. فقط واصلوا العمل الجاد.”
بهذه الكلمات، لم يكن صلاح يتحدث فقط كلاعب فاز بجائزة فردية، بل كقصة نجاح أصبحت مصدر إلهام لملايين الشباب في مصر والعالم العربي وأفريقيا.
إنجازات منافسيه لم تمنع توهجه
ورغم أن الموسم شهد بروز العديد من الأسماء، مثل مورجان روجرز الذي فاز بجائزة أفضل لاعب شاب بعد تألقه مع أستون فيلا، وجيمس ترافور حارس بيرنلي الذي حصد جائزة أفضل لاعب في دوري الدرجة الأولى، إلا أن الكلمة الأخيرة بقيت لصلاح، الذي خطف الأضواء وظل في صدارة المشهد الرياضي.
إرث خالد في تاريخ البريميرليج
ما حققه محمد صلاح هذا الموسم يرسخ مكانته كأحد أعظم لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر التاريخ.
فأرقامه الفردية، وأهدافه الحاسمة، وتأثيره المباشر في نتائج فريقه، جعلت منه أسطورة كروية حقيقية.
وليس غريبًا أن يُلقب بـ”الملك المصري”، فهو لم يكتفِ برفع اسم مصر عاليًا في الملاعب الأوروبية، بل جعل الجماهير الإنجليزية تهتف باسمه في ملاعبها، وجعل من قصته مثالًا يُدرّس في كتب الرياضة والإلهام.
صلاح.. أسطورة تُكتب فصولها كل يوم
بينما يحتفل محمد صلاح بتتويجه الجديد، يدرك عشاق كرة القدم أن هذه ليست نهاية القصة، بل محطة جديدة في مسيرة لاعب لا يعرف حدودًا للإنجازات.
فالفرعون المصري أثبت أن كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل حكاية إصرار وإيمان وقدرة على تحويل الأحلام إلى واقع، وأنه لا يزال يملك الكثير ليقدمه في الملاعب الإنجليزية والعالمية.