
دينا زكريا
في زمن يتسارع فيه الإيقاع وتزداد فيه التحديات، تظل المرأة في حاجة عميقة إلى عنصر واحد قادر على إعادة توازنها الداخلي وإطلاق أجمل ما فيها: الأمان. فالأمان ليس مجرد شعور عابر، بل هو بيئة نفسية وعاطفية وروحية تُعيد للمرأة طاقتها الأنثوية الكامنة، وتسمح لها بأن تكون على طبيعتها بعيدًا عن الأقنعة الدفاعية أو محاولات التصلب لمواجهة القسوة من حولها.
الأمان مفتاح للأنوثة
تُظهر دراسات علم النفس الاجتماعي أن المرأة عندما تشعر بالأمان العاطفي والجسدي، يتراجع لديها الشعور بالخوف والقلق، وهو ما يفتح الباب أمام طاقة الأنوثة لتظهر في أبهى صورها. الأنوثة هنا لا تُختزل في المظهر أو الرقة السطحية، بل تتجلى في قدرة المرأة على العطاء، على الاحتواء، وعلى أن تكون نفسها بلا خوف من الهجر أو الخذلان.
الأمان في العلاقة العاطفية
في العلاقات، يلعب الأمان دورًا محوريًا. فحينما تشعر المرأة أن شريكها صادق، ثابت، ومخلص، تزدهر طاقتها الأنثوية. هي لم تعد مضطرة إلى اتخاذ دور “المقاتلة” أو “المدافعة” طوال الوقت، بل تتحول إلى شريكة ناعمة، متوازنة، تمنح الحب بلا قيود. إن الأمان يحررها من حالة الحذر المزمن، ويجعلها أكثر انفتاحًا على التجربة الإنسانية الكاملة مع شريكها.
الأمان النفسي والمهني
حتى في العمل، تلعب بيئة الأمان دورًا لا يُستهان به. عندما تجد المرأة مكانًا يقدر كفاءتها دون تمييز أو تهديد، تُبدع وتبتكر وتضيف لمستها الخاصة. أما في بيئات الخوف أو المنافسة غير الصحية، فإنها غالبًا ما تلجأ إلى كبح طاقتها الأنثوية لصالح أقنعة أكثر صلابة.
الأنوثة ليست ضعفًا
من المهم التذكير أن طاقة الأنوثة التي تتغذى على الأمان ليست مرادفًا للضعف، بل هي القوة في أرقى صورها: قوة الهدوء، المرونة، والقدرة على إعادة الحياة إلى العلاقات والمحيط. فالمرأة التي تشعر بالأمان قادرة على دعم من حولها، وتمنح الأسرة والمجتمع حالة من التوازن النفسي يصعب تحقيقها بغيرها.
كيف نمنح المرأة الأمان؟
الأمر يبدأ من التربية، حيث تُزرع في الفتاة الصغيرة مشاعر التقدير والاحترام، ثم يمتد إلى الشريك الذي يختار أن يكون سندًا لا عبئًا. كما أن السياسات المجتمعية العادلة في التعليم والعمل وحماية الحقوق تعزز هذا الأمان بشكل ملموس.
الأمان ليس رفاهية في حياة المرأة، بل هو حجر الأساس الذي تنمو فوقه طاقتها الأنثوية. كلما كان الأمان حاضرًا، كلما أشرقت المرأة بحضورها الطبيعي، مانحةً للحياة جمالًا إضافيًا لا يُشبهه شيء.