“صمت مؤذي: حين يصبح التجاهل حجراً يُثقل مشاعرنا”

دينا زكريا

1. صدمة الصمت المباغت

الرسائل والتبريرات التي وجهتيها تعكس أملاً واضحاً في سماع كلمة تُطمئن روحك. لكن غياب الرد يتحوّل إلى جرح يتكرر مع كل لحظة انتظار، فيبدو كعقاب بدوني تبرير:

• الصمت هنا لا يبرر، بل يعاقب.

• الشعور أن من تجاهلك لا يُقدّر مشاعرك يعادل رفضاً بلا كلام، وأكثر إيلاماً.

2. أذى الصمت: بين الإهمال واللغز

الصمت التعمّدي في العلاقات غالباً ما يكون شكلاً من أشكال السيطرة والتحكم النفسي:

• بحسب خبراء علم النفس، فإن التجاهل المتعمّد يُصنَّف كسلوك إشكالي يُعرَف بـ stonewalling، وهو انسحاب كلي من التواصل العاطفي .

• هذا النوع من الصمت يؤدي إلى قلّة الثقة، انفصال عاطفي، وإجهاد كبير نفسي للطرف المُهمَّل .

3. آثار نفسية لا تتجاوزها الكلمات

البحوث تكشف أن الإهمال الصامت يُفعّل مناطق بالمخ تقيس الألم الجسدي، ما يفسر لماذا نشعر بأن التجاهل يجرح بعمق أكبر من الكلام المؤذي نفسه .
التأثيرات تشمل:

• تفكير مفرط، لوم الذات، وسلسلة من الأسئلة التي لا تنتهي.

• انخفاض في تقدير الذات، تراجع في الثقة بالنفس، وشعور بالعجز أمام صمت الطرف الآخر .

4. الصمت الصحي مقابل الصمت المدمر

ليست كل لحظة صمت ضارّة. هناك نوع من الصمت الذي يُولد من تفاعل إيجابي مشترك، والذي وصفه باحثون كـ**”صمت محفّز بالعواطف الإيجابية والهدوء”**، ويرتبط بالتقارب العاطفي والطمأنينة في العلاقة .

لكن الصمت التنفيذي أو المتعمّد يُولد الغربة والقلق، ويخلق فجوة نفسية تتسع مع الوقت.

5. قرار الاعتناء بالنفس

الخروج من دائرة الصمت المؤذي يبدأ بفهم أنك لا تستحقين أن تُعاملي بالصمت كجَزاء. مثلما قالت والدُك الداخلي، ربما أعاد الله ترتيب حياتك، لأنك تستحقين أن يُقدَّر وجودك بوضوح.

وهنا، الاستسلام للمشاعر المؤلمة ليس ضعفًا، إنما خطوة نحو إعادة بناء الذات وتأمين رفاه روحك.

6. كيف تتجاوزين الصمت المؤذي؟

• اعتمدي على تقدير ذاتك والاعتراف بأنك تستحقين احترامًا بالكلمات قبل الصمت.

• لو كان الطرف الآخر لا يستطيع التواصل، فقد يكون العلاج المشترك أو الفردي مفيدًا .

• في الغياب التام للتعاطي، المفتاح هو أن تحبي نفسك أكثر، وتمدّي جسور أمان لنفسك بعيدًا عن صمت لا يُفسَّر ولا يُبرَّر.

الصمت ليس دائمًا علامة على انتهاء الكلام، لكنه في بعض العلاقات يكون أداة من أدوات العشق التحكمي، أو بوابة لتدمير الذات.
الرسالة الأساسية الآن: أنت كافية، أنت ذات قيمة، وتستحقين من يتحدّث إليك حتى بكلمة “لا” واضحة.
فإذا اختفى هذا الباب، فقد يكون ذلك فرصة لفتح أبواب جديدة لروح تستحق أن تُعانَك بكلمات صادقة ومحترمة.