
كتبت / دينا زكريا
في حياة كل إنسان، تمر لحظات من الألم والصدمات التي تترك أثرًا عميقًا في النفس. ومع تكرار هذه التجارب، قد يصل البعض إلى مرحلة من التبلد العاطفي، حيث يفقدون القدرة على التفاعل مع الأحداث والمشاعر من حولهم. فما هو التبلد العاطفي؟ وما أسبابه؟ وكيف يمكن التعامل معه؟
ما هو التبلد العاطفي؟
التبلد العاطفي هو حالة نفسية تتميز بغياب أو ضعف الاستجابة العاطفية تجاه الأحداث والمواقف. يشعر الشخص المصاب به باللامبالاة، وقد يفتقر إلى التعبير عن الفرح أو الحزن أو الغضب. يُعتبر التبلد العاطفي أحد أعراض بعض الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة.
أسباب التبلد العاطفي
1. التعرض للصدمات المتكررة
التعرض المستمر للصدمات النفسية، مثل فقدان الأحبة أو الحروب أو الكوارث، يمكن أن يؤدي إلى استنزاف المشاعر، مما يدفع العقل إلى تبني التبلد كآلية دفاعية لحماية النفس من الألم المستمر.
2. الضغوط اليومية المستمرة
العيش تحت ضغط مستمر، سواء في العمل أو الحياة الشخصية، دون فترات راحة أو دعم نفسي، قد يؤدي إلى شعور بالإنهاك العاطفي والتبلد.
3. الاكتئاب واضطرابات القلق
تُعد بعض الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب واضطرابات القلق، من الأسباب الشائعة للتبلد العاطفي، حيث تؤثر على كيمياء الدماغ وتقلل من القدرة على الشعور بالمشاعر المختلفة.
4. التعرض المستمر لمشاهد العنف
أشارت بعض الدراسات إلى أن التعرض المستمر لمشاهد العنف، سواء في الواقع أو من خلال وسائل الإعلام، يمكن أن يؤدي إلى تبلد المشاعر، حيث يعتاد الدماغ على هذه المشاهد ويفقد القدرة على التفاعل معها .
أعراض التبلد العاطفي
-
اللامبالاة تجاه الأحداث السعيدة أو الحزينة.
-
صعوبة في التعبير عن المشاعر أو وصفها.
-
الانعزال الاجتماعي وتجنب التفاعل مع الآخرين.
-
انخفاض الدافع للقيام بالأنشطة اليومية.
-
الشعور بالفراغ الداخلي أو الخمول العاطفي.
تأثير التبلد العاطفي على العلاقات
1. العلاقات العائلية
قد يشعر أفراد العائلة بأن الشخص المتبلد عاطفيًا بعيد عنهم، مما يؤدي إلى فجوة في التواصل وفقدان الدعم العاطفي المتبادل.
2. العلاقات العاطفية
في العلاقات العاطفية، يُعتبر التعبير عن المشاعر أمرًا أساسيًا. التبلد العاطفي يمكن أن يؤدي إلى شعور الشريك بالإهمال أو عدم التقدير، مما يهدد استقرار العلاقة.
3. العلاقات الاجتماعية
يفقد الشخص المتبلد عاطفيًا القدرة على التفاعل الاجتماعي الفعال، مما يؤدي إلى العزلة وتقليل فرص الدعم الاجتماعي.
آليات الدفاع النفسي والتبلد العاطفي
يُعتبر التبلد العاطفي أحد آليات الدفاع النفسي التي يستخدمها العقل لحماية النفس من الألم. من بين هذه الآليات:
-
الإنكار: رفض الاعتراف بالمشاعر أو الأحداث المؤلمة.
-
العقلنة: تفسير السلوكيات أو المشاعر بطريقة منطقية لتجنب الألم العاطفي.
-
الإسقاط: نسب المشاعر السلبية إلى الآخرين بدلاً من الاعتراف بها .
كيفية التعامل مع التبلد العاطفي
1. الاعتراف بالمشكلة
الخطوة الأولى هي الاعتراف بوجود مشكلة في التفاعل العاطفي، مما يفتح الباب للبحث عن حلول.
2. طلب المساعدة المهنية
استشارة أخصائي نفسي يمكن أن تساعد في فهم الأسباب الكامنة وراء التبلد العاطفي وتقديم استراتيجيات للتعامل معه.
3. ممارسة الأنشطة المحببة
الانخراط في أنشطة ممتعة أو هوايات يمكن أن يساعد في إعادة تنشيط المشاعر وتحسين الحالة النفسية.
4. التواصل مع الآخرين
الحديث مع الأصدقاء أو أفراد العائلة عن المشاعر والتجارب يمكن أن يخفف من الشعور بالعزلة ويعيد التواصل العاطفي.
5. الاهتمام بالصحة الجسدية
ممارسة الرياضة، الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول غذاء صحي يمكن أن يؤثر إيجابيًا على الحالة النفسية والعاطفية.
التبلد العاطفي هو استجابة نفسية معقدة يمكن أن تنشأ نتيجة لتجارب مؤلمة أو ضغوط مستمرة. على الرغم من أنه قد يبدو كوسيلة لحماية النفس، إلا أنه يمكن أن يؤثر سلبًا على جودة الحياة والعلاقات. من المهم الاعتراف بالمشكلة والسعي للحصول على الدعم المناسب لاستعادة التوازن العاطفي والعيش حياة مليئة بالمشاعر والتواصل.