
كتبت / دينا زكريا
تحل اليوم، السبت، ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة هالة فؤاد، تلك النجمة التي رغم رحيلها المبكر، بقيت حاضرة في ذاكرة جمهورها بابتسامتها الساحرة، ورقتها النادرة، وبراءتها التي ميزتها عن نجمات جيلها. ولدت هالة فؤاد في 26 مارس لأسرة فنية عريقة؛ فهي ابنة المخرج الكبير أحمد فؤاد، مما جعلها تتنفس الفن منذ نعومة أظافرها، وكأن الأضواء قد كتبت لها أن تكون جزءاً من عالمها منذ البداية.
ظهرت هالة لأول مرة أمام الكاميرا وهي طفلة لم تتجاوز العامين، حيث شاركت بدور بسيط في فيلم “العاشقة”، لتبدأ بذلك رحلة قصيرة لكنها مؤثرة مع الفن. ومع مرور السنوات، تدرجت في أدوارها حتى بدأت تخطو أولى خطواتها الحقيقية نحو النجومية في السبعينيات والثمانينيات، حين قدمت أعمالاً لاقت قبولاً واسعاً، مثل فيلم “مين مجنن مين” إلى جانب النجمين محمود ياسين وحسين فهمي، الذي كان بمثابة انطلاقتها الحقيقية نحو قلوب المشاهدين.
كانت هالة فؤاد تمتلك ملامح طفولية محببة وصوتاً دافئاً، مما أهلها للعب أدوار الفتاة البريئة الرومانسية، فأصبحت خلال فترة قصيرة من نجمات الصف الأول. ومن أبرز الأعمال التي شاركت فيها وتركت بها بصمة واضحة: “حالة الجوهري”، و**”المليونيرة الحافية”، و“السادة الرجال”، و“عاصفة من الدموع”**، كما تألقت مع والدها المخرج أحمد فؤاد في فيلم “الحدق يفهم”، حيث قدمت فيه عدة مشاهد غنائية واستعراضية بصوتها الخاص.
لم تقتصر موهبة هالة فؤاد على التمثيل فحسب، بل امتدت لتشمل الغناء والرقص الاستعراضي، مما أضفى على أدائها لمسة من الحيوية والانطلاق. وبالرغم من تعدد موهبتها وتنوع أدوارها، إلا أن القدر لم يمهلها طويلاً لتواصل مسيرتها الفنية.
قصة حب وزواج لم يكتمل
من المحطات المهمة في حياتها الشخصية، ارتباطها العاطفي والفني بالفنان الكبير أحمد زكي. فقد تم ترشيح هالة لمشاركته في مسلسل “الرجل الذي فقد ذاكرته مرتين”، ليكون هذا العمل شاهداً على أول وآخر تعاون بينهما فنياً، وأيضاً على قصة حب كبيرة شغلت الوسط الفني آنذاك.
كان أحمد زكي وقتها قد أصبح نجمًا ساطعًا في سماء السينما المصرية، بينما كانت هالة فؤاد نجمة شابة في بداية شهرتها. توطدت العلاقة بينهما بسرعة، لتتوج بالزواج، الذي أثمر عن ابنهما الوحيد هيثم أحمد زكي. لكن الرياح لم تجرِ كما اشتهت سفينتهما؛ إذ نشبت بينهما خلافات كثيرة بسبب طبيعة حياة النجومية وضغوط العمل والشهرة. لم تستطع هالة التأقلم مع الشعبية الجارفة التي كان يتمتع بها أحمد زكي، ما أدى في نهاية المطاف إلى انفصالهما بعد أقل من عامين على الزواج.
صراع مع المرض ورحيل مبكر
في قمة توهجها الفني، صدمت هالة فؤاد جمهورها بخبر إصابتها بمرض السرطان، الذي قاومته بشجاعة وإيمان. انسحبت تدريجيًا من الساحة الفنية وكرست وقتها للعبادة والعائلة، مبتعدة عن الأضواء التي طالما أحبتها وأحبتها الجماهير من خلالها.
رحلت هالة فؤاد عن عالمنا في سن مبكرة، لكنها تركت وراءها إرثًا إنسانيًا وفنيًا لا يُنسى، وبقيت صورتها محفورة في أذهان محبيها، كرمز للفتاة الحالمة الجميلة، التي جمعت بين الموهبة الفطرية والنقاء الداخلي.
في كل ذكرى لميلادها، يتجدد الحنين إليها، ونستحضر أعمالها التي ما زالت تبهجنا بصفائها، وقلبها الأبيض الذي يشع من خلال كل مشهد وقفت فيه أمام الكاميرا. وكأن الزمن توقف عند صورتها المضيئة، لتبقى هالة فؤاد “زهرة العمر القصير” التي أبت أن تذبل في قلوب عشاقها.