فنكتاب و أراء

فتحي قورة يحقق حلم كمال الشناوي في الغناء: تجربة سينمائية فريدة في “وداع في الفجر”

كتب / هاري يوسف

لطالما كان للسينما المصرية دور كبير في تحقيق الأحلام، ليس فقط للمشاهدين، بل حتى لنجومها. ومن بين هؤلاء الفنانين الذين كان لهم حلم مختلف عن مجالهم الأساسي، النجم الكبير كمال الشناوي، الذي لم يكن فقط ممثلًا بارعًا بل كان يطمح أيضًا إلى الغناء. غير أن هذا الحلم ظل مؤجلًا حتى جاء الشاعر الغنائي فتحي قورة ليحقق له هذه الرغبة في فيلم “وداع في الفجر” عام 1956، حيث غنى كمال الشناوي بصوته لأول مرة مع النجمة شادية في عمل سينمائي كان له أثر كبير في مسيرته الفنية.

OIP 1 5

في هذا المقال، سنستعرض كيف تحقق هذا الحلم، ودور فتحي قورة في هذه التجربة، بالإضافة إلى الإشارة إلى كتابه “خارج الصورة”، الذي تناول فيه كواليس أعماله وأبرز ذكرياته مع نجوم الفن المصري.

كمال الشناوي بين التمثيل والغناء

منذ ظهوره الأول في السينما، استطاع كمال الشناوي أن يثبت موهبته الفذة كممثل يمتلك كاريزما قوية وقدرة على تجسيد مختلف الأدوار. غير أنه كان يحمل شغفًا خاصًا بالغناء، وهو ما لم يكن مستغربًا، إذ إن العديد من نجوم جيله، مثل فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ، كانوا يجمعون بين التمثيل والغناء. ورغم امتلاكه صوتًا مقبولًا، لم يكن الطريق إلى الغناء سهلًا بالنسبة له، خاصة أن السينما المصرية كانت تعتمد في تلك الفترة على الأصوات القوية التي تمتلك خبرة في عالم الطرب.

2020 637336925910563357 56

ولكن مع الوقت، بدأ الشناوي في البحث عن الفرصة المناسبة التي تتيح له إبراز موهبته الغنائية، حتى جاء فيلم “وداع في الفجر”، الذي شكل نقطة تحول في مسيرته، ليس فقط كممثل ولكن أيضًا كمجربٍ للغناء.

197960 1030450

فتحي قورة: الشاعر الذي فهم الأحلام

عندما نتحدث عن الأغنية المصرية في الخمسينيات والستينيات، لا يمكننا تجاهل اسم فتحي قورة، الذي كان واحدًا من أهم شعراء الأغنية في تلك الفترة. قدم العديد من الأعمال المميزة التي غناها كبار المطربين مثل محمد فوزي، شادية، وعبد الحليم حافظ. إلا أن دوره لم يكن يقتصر على كتابة الكلمات فحسب، بل كان يمتلك حسًا سينمائيًا يمكنه من فهم احتياجات الأفلام والممثلين المشاركين فيها.

في كتابه “خارج الصورة”، يروي قورة العديد من الكواليس المتعلقة بعمله في السينما والتعاون مع نجوم الفن، ومن بين هذه المواقف، حكايته مع كمال الشناوي في فيلم “وداع في الفجر”، حيث لعب دورًا محوريًا في تحقيق حلمه بالغناء، إذ كتب له أغنيتين في الفيلم ليقدمهما بصوته مع شادية.

OIP 1 7

“وداع في الفجر”: فرصة ذهبية للغناء

عُرض فيلم “وداع في الفجر” عام 1956، وهو من إخراج حسن الإمام، وبطولة كمال الشناوي وشادية، وشارك فيه نخبة من النجوم. كان الفيلم دراميًا رومانسيًا، يتناول قصة حب بين ضابط في الجيش (كمال الشناوي) وفتاة جميلة (شادية)، حيث يتعرضان للعديد من التحديات التي تهدد هذا الحب.

MV5BOWUwYWIyZDEtZGU5Zi00NTgwLTgzMmEtMDBjZjc2NzVkMzhmXkEyXkFqcGdeQXVyMjg0MzMwNzg@. V1 FMjpg UX1000

من بين المشاهد التي أضفت طابعًا رومانسيًا خاصًا على الفيلم، كان هناك مشهدان غنائيان يجمعان كمال الشناوي بشادية، كتب كلماتهما فتحي قورة. كانت هذه التجربة فريدة من نوعها، لأن الشناوي لم يكن معروفًا كمطرب، بل اشتهر كممثل وسيم يجيد تقديم الأدوار الرومانسية والتراجيدية.

الأغنيتان اللتان غناهما كمال الشناوي

في الفيلم، قدم كمال الشناوي أغنيتين إلى جانب شادية، وكان لهما تأثير عاطفي قوي في سياق الأحداث. الأولى كانت أغنية رومانسية خفيفة ذات طابع عاطفي، عبر فيها البطل عن حبه للبطلة بأسلوب يشبه الحوار الغنائي، مما جعل الأداء طبيعيًا وسلسًا. أما الأغنية الثانية، فكانت ذات طابع درامي أكثر، حيث حملت كلماتها شحنة من الحزن والتأمل، ما جعلها تتناسب مع السياق العاطفي للفيلم.

19 2020 637445990934918992 491 OIP 12

كيف استقبل الجمهور غناء كمال الشناوي؟

كان الجمهور في تلك الفترة معتادًا على رؤية كمال الشناوي ممثلًا، لذا فإن تجربته الغنائية شكلت مفاجأة للجمهور. وعلى الرغم من أن صوته لم يكن بنفس قوة نجوم الطرب الكبار، إلا أنه قدم أداءً مقبولًا ومحببًا، خاصة وأن الأغاني جاءت متناسقة مع طبيعة شخصيته وأحداث الفيلم.

ولكن رغم نجاح التجربة، لم يكرر كمال الشناوي هذه الخطوة لاحقًا، حيث عاد ليكرس نفسه بالكامل للتمثيل، معتبرًا أن الغناء كان مجرد تجربة ممتعة لكنه لم يكن المجال الذي يرغب في الاستمرار فيه.

دور فتحي قورة في نجاح التجربة

لم يكن تحقيق حلم كمال الشناوي بالغناء ممكنًا لولا الدعم الذي قدمه له فتحي قورة، والذي صاغ كلمات الأغنيتين بطريقة جعلت الأداء سهلاً ومناسبًا لصوت الممثل. كما أن حسن الإمام، مخرج الفيلم، لعب دورًا مهمًا في إقناع الشناوي بخوض هذه التجربة، خاصة أنه كان يرى فيه نجمًا متكاملاً يمكنه تقديم أكثر من جانب فني.

فتحي قورة

وفي كتابه “خارج الصورة”، تحدث فتحي قورة عن هذه التجربة بشيء من التفصيل، موضحًا كيف أن المواقف وراء الكواليس كانت ممتعة ومليئة بالتحديات، لكنه كان سعيدًا برؤية الشناوي يحقق حلمه حتى ولو لمرة واحدة.

لماذا لم يستمر كمال الشناوي في الغناء؟

على الرغم من النجاح النسبي الذي حققته تجربته الغنائية، لم يحاول كمال الشناوي تكرارها في أفلام أخرى. ويعود ذلك إلى عدة أسباب، أبرزها أنه كان يدرك أن صوته لا يمتلك القوة الكافية لمنافسة كبار المطربين، كما أن نجاحه في التمثيل كان كبيرًا لدرجة جعلته يفضل التركيز على هذا المجال بدلًا من المغامرة في الغناء.

تجربة فريدة في تاريخ السينما المصرية

يظل فيلم “وداع في الفجر” شاهدًا على تجربة غنائية نادرة لنجم كبير مثل كمال الشناوي، كان من الممكن أن تتحول إلى مسار فني جديد له لولا أنه فضل البقاء في مجال التمثيل. ويعود الفضل في تحقيق هذا الحلم إلى الشاعر فتحي قورة، الذي لم يكن مجرد كاتب أغاني، بل كان شخصية فنية تدرك جيدًا كيف تحقق أحلام النجوم، ولو حتى لمرة واحدة في العمر.

هذه القصة تبقى واحدة من الحكايات المميزة التي تروي كيف يمكن للفن أن يجمع بين المواهب المختلفة، وكيف أن السينما المصرية في الخمسينيات لم تكن مجرد صناعة ترفيهية، بل كانت فضاءً لتحقيق الأمنيات وتجربة ما هو غير متوقع، حتى ولو كان ذلك لمرة واحدة فقط.

هاري يوسف

 

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى