
في تصعيد لافت على الساحة الإقليمية، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي عن تنفيذ عملية عسكرية معقدة استهدفت فيها منشأة نطنز النووية الإيرانية، وهي إحدى أبرز المنشآت السرية التي تضم أجهزة طرد مركزي تُستخدم في تخصيب اليورانيوم. وأفادت قناة “القاهرة الإخبارية” في خبر عاجل، أن العملية الإسرائيلية استهدفت البنية التحتية النووية الواقعة تحت الأرض، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمثل نقلة نوعية في مستوى المواجهة غير المباشرة بين تل أبيب وطهران.
تفاصيل الضربة: غارات مزدوجة جوية وسيبرانية
وفقًا لمصادر مطلعة، لم تقتصر العملية الإسرائيلية على غارات جوية تقليدية باستخدام الطائرات الحربية، بل شملت أيضًا هجومًا سيبرانيًا دقيقًا استهدف أنظمة التحكم والمراقبة داخل المنشآت النووية. هذا التنسيق بين العمل الميداني والهجمات الإلكترونية يُظهر تطورًا ملحوظًا في التكتيكات العسكرية الإسرائيلية، خاصةً عندما يتعلق الأمر بمنشآت ذات طبيعة حساسة ومعقدة كتلك الموجودة في نطنز.
الضربة، التي نُفذت في عمق الأراضي الإيرانية، استهدفت مواقع تُصنَّف بأنها ذات أهمية استراتيجية قصوى للنظام الإيراني، أبرزها أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي تُستخدم في عملية تخصيب اليورانيوم، وهي جزء من البرنامج النووي الإيراني الذي طالما أثار الجدل والريبة لدى القوى الإقليمية والدولية.
نطنز: قلب البرنامج النووي الإيراني
تُعد منشأة نطنز واحدة من أهم مراكز تخصيب اليورانيوم في إيران، وتقع في محافظة أصفهان وسط البلاد. وتمتد المنشأة على مساحة واسعة، ويقع جزء كبير من بنيتها التحتية تحت الأرض، وهو ما يجعل استهدافها عملية معقدة من الناحية التقنية والاستخباراتية. وقد كانت هذه المنشأة، على مدار السنوات الماضية، محورًا لعدة هجمات وعمليات تخريبية نُسبت إلى إسرائيل، سواء عبر تفجيرات غامضة أو اختراقات إلكترونية مثل هجوم فيروس “ستاكس نت” الشهير عام 2010.
إيران تلتزم الصمت الحذر.. وترقب داخلي ودولي
حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم تُصدر السلطات الإيرانية بيانًا رسميًا يُحدد حجم الأضرار أو يرد على الإعلان الإسرائيلي. ويُرجح أن تتريث طهران في الكشف عن التفاصيل، في ظل تعقيد الموقف الداخلي والخارجي، وحسابات الردع المتبادلة بينها وبين إسرائيل.
وتأتي هذه الضربة في وقتٍ تشهد فيه إيران توترات داخلية وخارجية متعددة، من بينها استمرار العقوبات الاقتصادية الأميركية، وتصاعد التوترات الإقليمية في البحر الأحمر وسوريا والعراق، فضلًا عن تعثر المفاوضات حول الاتفاق النووي مع الدول الغربية.
ردود فعل دولية متوقعة: صمت، قلق، أم دعم خفي؟
من المتوقع أن تُثير هذه الضربة ردود فعل متباينة على الساحة الدولية. ففي حين قد تلتزم بعض الدول الصمت، تجنبًا لتوريط نفسها في صراع مفتوح، قد تُعرب أطراف أخرى عن “القلق” من التصعيد بين قوتين إقليميتين بحجم إيران وإسرائيل، وهو ما يُهدد استقرار المنطقة برمتها.
وفي المقابل، لا يُستبعد أن تحظى إسرائيل بدعم غير معلن من بعض القوى الدولية التي تتخوف من تقدم البرنامج النووي الإيراني، وتراه تهديدًا محتملًا لأمن المنطقة، خصوصًا بعد أن رفعت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم في منشآتها، في تحدٍ صارخ لقيود الاتفاق النووي لعام 2015.
سياق إقليمي مشحون: هل تقترب الحرب المفتوحة؟
الضربة الأخيرة تأتي في سياق إقليمي بالغ الحساسية، حيث تصاعدت حدة التوترات بين إسرائيل ومحور “المقاومة” المدعوم من إيران، لا سيما في لبنان وسوريا وقطاع غزة. كما تزايدت التحذيرات من احتمالات اندلاع مواجهة إقليمية شاملة، في حال تجاوز أحد الطرفين “الخطوط الحمراء” المعلنة.
ولعل استهداف منشأة بحجم وأهمية نطنز يُمكن اعتباره رسالة مباشرة من تل أبيب إلى طهران، مفادها أن “الخطوط الحمراء الإسرائيلية” لم تعد مجرد تهديدات، بل تحوّلت إلى سياسة فعلية على الأرض، قد تتكرر وتتصاعد في أي لحظة.
السيناريوهات المقبلة: ضبط النفس أم الرد العنيف؟
تبقى الأسئلة الأهم حاليًا هي: كيف سترد إيران؟ وهل ستكتفي بالتنديد والوعيد كما في مرات سابقة، أم أن الرد سيكون عسكريًا هذه المرة؟ وهل نحن بصدد مرحلة جديدة من الحرب “غير المعلنة” بين البلدين، والتي تجمع بين الاغتيالات، الهجمات السيبرانية، والغارات الجوية عالية الدقة؟
الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات، لكن ما هو مؤكد حتى الآن، أن المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط قد دخل مرحلة جديدة من التعقيد، وأن استهداف منشأة نطنز النووية ليس مجرد حدث عابر، بل تطور يُعيد خلط الأوراق، ويهدد بانفجار مواجهة كبرى قد لا تبقى محصورة داخل حدود الدولتين.