
من بين أكثر مشاهد الحرب العالمية الثانية قسوةً وإثارة للجدل، تلك التي أعقبت تحرير فرنسا من الاحتلال النازي عام 1944، حين تحوّل نشوة النصر إلى ساحة انتقام علني، استُهدفت فيه نساء اتُّهمن بالتعاون مع الألمان بأساليب إذلال قاسية.
فقد تعرضت مئات الفرنسيات ممن اشتبه في علاقاتهن بجنود الاحتلال – سواء من خلال العمل، أو العلاقات العاطفية، أو إنجاب أطفال منهن – إلى سلسلة من العقوبات الاجتماعية المهينة، كان أبرزها حلق رؤوسهن في الساحات العامة، وتجريد بعضهن من الملابس، واستعراضهن أمام الحشود الغاضبة، في مشهد يعكس وحشية الغوغاء أكثر مما يعكس عدالة ما بعد الحرب.
بين عامي 1940 و1944، خضعت أجزاء واسعة من فرنسا لسيطرة الاحتلال الألماني، وهو فصل تاريخي لا يزال يمثل جرحًا غائرًا في الذاكرة الوطنية الفرنسية. لكن لحظات التحرير، التي كان يفترض أن تكون احتفالًا بالخلاص، سرعان ما تحولت إلى فصول من الانتقام الجماعي، لا سيما ضد النساء، اللواتي وُصمن بـ”الخيانة” لمجرد شبهة علاقة مع جندي ألماني.
وبرغم أن هذه الممارسات لم تكن سياسة رسمية، إلا أنها حظيت بصمت واسع من السلطات المحلية والمجتمع، تحت ذريعة “تطهير الأمة” من آثار الاحتلال. وقد واجهت كثير من الضحايا هذه الإهانات دون محاكمة أو دليل، في غياب تام لأي حماية قانونية.
اليوم، وبعد مرور أكثر من ثمانية عقود، لا تزال تلك الصور بالأبيض والأسود لنساء حليقي الرؤوس – المحاطات بالجماهير الساخطة – تثير الأسى والأسئلة عن حدود العدالة، ومعايير المحاسبة، وتناقضات لحظات الانتصار.