
كتبت دينا زكريا
في الوقت الذي تتكدس فيه ملفات المحاكم المصرية بقضايا الإرث والنزاعات العائلية، برزت مجددًا أزمة “الطلاق الرجعي” وآثاره القانونية، لاسيما فيما يخص حق الزوجة في الميراث بعد وفاة زوجها، إذا ما كانت في فترة العدة، وسط غياب التوثيق أو تضارب الأقوال بين الأطراف.
موقع “برلماني” المتخصص في الشأن النيابي والتشريعي، سلط الضوء في تقرير شامل على تعقيدات هذا النوع من الطلاق، تحت عنوان “الطلاق الرجعى ومشاكل الإرث.. كيفية إثباته وهل يسقط الحق في الميراث بالتقادم؟”، كاشفًا عن 4 شروط للرجعة وفق المذهب الحنفي، ومحددًا المدة التي يسقط فيها الحق في الإرث بالتقادم، وهي 33 سنة.
🧕 ما هو الطلاق الرجعي؟
الطلاق الرجعي، بحسب التعريف الشرعي، هو الطلاق الذي يقع على الزوجة المدخول بها بطلقة واحدة أو اثنتين، وما دامت الزوجة في العدة، يحق للزوج مراجعتها دون الحاجة إلى عقد جديد أو مهر أو إشهاد. وتظل المرأة خلال هذه الفترة في حكم الزوجة من حيث النفقة، والسكن، وحق الميراث إن توفي أحد الزوجين.
بمعنى آخر: إذا طلق الزوج زوجته طلقة أولى، ولم تنقضِ عدتها بعد، ثم توفي الزوج، فإنها لا تزال تُعتبر زوجته شرعًا، ويحق لها الميراث. ولكن، إذا انتهت العدة دون مراجعة، انتهت العلاقة الزوجية قانونًا وشرعًا.
🔎 متى تتحقق الرجعة؟ وما شروطها في الفقه الحنفي؟
وفقًا للمذهب الحنفي، هناك 4 شروط أساسية حتى تتحقق الرجعة بعد الطلاق:
-
أن يكون الطلاق رجعيًا وليس بائنًا.
-
أن تكون الزوجة لا تزال في العدة.
-
أن تكون الرجعة صادرة من الزوج أو وكيله.
-
أن تتحقق الرجعة قولًا أو فعلًا (مثل المعاشرة أو التصريح بالرغبة في استمرار الزواج).
وعند جمهور الفقهاء، الرجعة لا تتطلب إشهارًا ولا إشهادًا، بل تكفي النية الصادقة أو القول الصريح من الزوج، وهو ما يصعّب أحيانًا إثبات الرجعة في النزاعات القانونية.
⚖️ كيف يتم إثبات الطلاق والرجعة شرعًا؟
إثبات الطلاق أو الرجعة أمام القضاء يتطلب أدلة موثقة أو شهود عدول، لكن في الواقع العملي، يواجه القضاء صعوبة كبيرة في البت في هذه القضايا، خصوصًا عندما يتم الطلاق أو الرجعة شفهيًا دون توثيق رسمي، ما يفتح المجال للنزاع بين الورثة عند وفاة الزوج أو الزوجة.
القانون المصري لا يشترط تسجيل الرجعة في المحكمة، لكن غياب الإثبات يؤدي إلى مشاكل جسيمة في قضايا الإرث.
💰 هل يحق للمطلقة طلاقًا رجعيًا أن ترث زوجها المتوفى؟
الإجابة: نعم، إذا كانت لا تزال في العدة. في حال وفاة الزوج أثناء فترة العدة، فإن الزوجة تعتبر شرعًا زوجته، ويحق لها أن ترثه بكامل حقوقها القانونية، ما لم تكن قد خرجت من العدة دون أن تتم المراجعة.
لكن هنا تبرز الأزمة: بعض الورثة قد ينكرون وجود رجعة أو يتمسكون بانتهاء العلاقة، ما يخلق نزاعًا قانونيًا معقدًا يتطلب تدخل المحاكم.
🧾 هل يسقط حق الإرث بالتقادم؟
القانون المدني المصري ينص على أن الحقوق المتعلقة بالإرث تسقط بمرور 33 سنة من تاريخ الوفاة، ما يعني أن من يطالب بحقه في الميراث بعد هذه المدة يُعتبر متقادمًا ولا يحق له المطالبة به.
لكن في قضايا الطلاق والرجعة، يظل النزاع حيًا طالما لم يُفصل فيه قضائيًا، ما يُبقي الباب مفتوحًا أمام مطالبات جديدة.
📢 من المسؤول عن إعلان الرجعة؟ وهل يلزم التوثيق؟
شرعًا، الزوج هو من يتحمل مسؤولية إعلان الرجعة، سواء قولًا أو فعلًا. أما توثيق الرجعة فهو مستحب وليس واجبًا، لكنه في حالات النزاع يصبح وثيقة حاسمة لإثبات استمرار العلاقة الزوجية، وبالتالي ضمان حقوق الزوجة في النفقة والإرث.
⚠️ مشاكل واقعية في المحاكم
تتكرر القضايا التي تكون الزوجة فيها قد طُلقت طلقة رجعية، وتوفي زوجها أثناء العدة، فترفع دعوى تطالب بالإرث، بينما ينكر الورثة وجود أي رجعة. المحاكم المصرية مليئة بهذه النماذج، التي تُحسم غالبًا بناءً على الشهود أو القرائن القوية التي تثبت نية الزوج في الرجعة قبل وفاته.
❓ أسئلة شائعة عن الطلاق الرجعي:
🔹 هل يجب إخبار الزوجة بالرجعة؟
نعم، شرعًا يجب إعلامها، لكن الرجعة لا تبطل إذا لم تُخبر، خاصة إذا ثبتت بفعل أو قول واضح.
🔹 هل يجب توثيق الرجعة عند المأذون؟
شرعًا لا، لكن قانونًا يُستحب بشدة لحماية الحقوق والإثبات أمام المحكمة.
🔹 ماذا لو أنكر الورثة وجود الرجعة؟
هنا نحتاج إلى إثبات:
-
أقوال شهود.
-
رسائل.
-
نية الزوج.
-
أي تصرف يدل على الرجعة.
💬 خلاصة
قضية الطلاق الرجعي وميراث الزوجة تظل من أكثر القضايا تعقيدًا وتشابكًا في النظام القانوني المصري، لأنها تمس أحكام الشريعة من جهة، والنظام القانوني والإثبات من جهة أخرى. ويبقى توثيق الطلاق والرجعة بشكل رسمي هو السبيل الأفضل لحماية الحقوق وتفادي النزاعات.