ثقافة

ميتٌ على قيدِ الحياة

كتب / صالح المسعودي

R 8

حديثٌ هام كان دائماً ما يدور في رأسي أثناء حل النزاعات بين الناس لا لشيء إلا أنني أرى تصرفات بعض الأشخاص وكأنهم في عِداد الأموات أو يستحقون ذلك بالفعل ، فليس كل مَن مات ( وقُبر ) في أعداد الأموات ، وليس كل مَن هو لم تخرج له ( شهادة وفاة ) يعتبر من الأحياء ، فإن الإنسان في كل الأحوال عبارة عن ( ذكرى ) مع العلم بأنه هو من يكتب تلك الذكرى فإن أحسن كتابتها كان حياً أمام الناس حتى لو ( قُبر ) وخرجت له ( شهادة وفاة ) ، وإن هو أساء كتابة ذكراه و ( ذكره ) كان ميتاً حتى وهو لم يُقبر
وهنا أتذكر قول الشافعي ( عليه رضوان الله )
فقد مات قومٌ وما ماتت فضائلهم وقد عاش قومٌ وهم في الناسِ أمواتُ
أضف لذلك أيضاً أمور كثيرة مرتبطة بحياة الميت أو موت الحي ( كالخوف ) وهنا لابد أن نذكر الفارق بين ( الشجاعة والجُبن ) على سبيل المثال ، فالشجاع يموت في العمر مرة واحدة في حين أن الجبان يموت في اليوم ألف مرة ، فالخوف نوعٌ من الموت البطيء أو قد يؤدي للموت الحقيقي ( أي مفارقة الحياة ) ، فالخوف من شيء ما ومجرد توجس الخيفة الدائم يجعل الشخص يموت كل يوم دون أن يدري
ومن أسباب موت الأحياء وهم ينظرون موتهم البطيء ( القلق ) ، فالقلق أيضاً لا يقتصر على ( الأرق ) والتوتر البسيط بل القلق شيء أعم مثل القلق على المستقبل ، والقلق من أحداث لم تحدث بعد ، والقلق من النتائج المترتبة على كذا وكذا ، وهذا بالتأكيد يؤدي إلى مداومة انشغال الفكر والقلب بأمور قد تحدث وقد لا تحدث ، ولكنها تطغى على الحيز الأكبر من التفكير

OIP 19
ومما لا شك فيه أن ( البُخلُ ) أعاذنا الله وإياكم منه من أهم أسباب موت الشخص وهو على قيد الحياة ، فالبخل والشح لا يميتان ( الذكر ) بعد الموت فقط ، بل إنهما يميتان الشخص وهو حي أما ( الكِرام ) فها هم يحتلون القلوب ، بل ويحتلون ذاكرة التاريخ ، فمن ماتوا منهم منذ قرون عديدة مازلنا نتذكرهم ونتباهى بأن نسمي أبناءنا بأسمائهم تيمناً بهم وتشريفاً للمولود ، فأي فضل ذاك الذي يحفر اسم صاحبه في ذاكرة التاريخ التي لا تحابي أحدا ، وهناك الكثير ممن يموت ذكرهم قبل وفاتهم الحقيقة من شاكلة عديمي المروءة والنخوة والشهامة وزد عليهم أهل ( النذالة ) ، وهنا أتذكر مقولة قديمة يقول صاحبها
النذل ميت وهو حي ما حد يحسب حسابه
يشابه الترمس الني اللي حضوره يشبه غيابه
عزيزي القارئ إن أهون أنواع الموت هو الموت ( الحقيقي ) الذي تخرج له ( شهادة وفاة ) طبيعية ، لأننا جميعاً سنموت وهذه أكثر حقيقة مؤكدة في العالم إن عاجلاً أو آجلاً ، لكن أصعب أنواع الموت هو أن يموت الشخص وهو على قيد الحياة إما بسبب خوفه أو قلقه وهما بالتأكيد بسبب ( ضعف إيمانه بمسبب الأسباب ) وهو هنا يحتاج إعادة التفكير وبسرعة في علاقته مع ربه حتى تعود له الطمأنينة والهدوء النفسي الذي يعطي للحياة قيمة ، وإما بسبب تصرفاته وبخله اللذان يوديان به إلى سوء العاقبة في الدنيا و الآخرة لذا كان لزاماً عليه أن يتعجل التوبة والأوبة لله قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، أما من قلت مروءته ونخوته فيكفيه سوء عاقبة أن يقبع في ( مزبلة التاريخ ) دمتم بخير

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى