أخبار عربية

سلطة المياه الفلسطينية: غزة تموت عطشا ونحذر من انهيار شامل في القطاع

كتبت دينا زكريا

أكثر من 2.3 مليون إنسان في خطر بسبب انهيار خدمات المياه والصرف الصحي في القطاع المحاصر

غزة – وسط استمرار العدوان الإسرائيلي العنيف على قطاع غزة، أطلقت سلطة المياه الفلسطينية، اليوم السبت، تحذيرًا شديد اللهجة من كارثة إنسانية محدقة تهدد حياة أكثر من 2.3 مليون مواطن، مع الانهيار شبه الكامل في منظومة خدمات المياه والصرف الصحي، ما يُنذر بتفاقم معاناة السكان ودخول القطاع في نفق مظلم من الأزمات البيئية والصحية.

وفي بيان رسمي نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، أكدت سلطة المياه أن قطاع غزة يواجه اليوم أزمة غير مسبوقة في تاريخه، إذ حولت آلة الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ شهور، البنية التحتية الهشة أصلًا إلى ركام، مشيرة إلى أن “غزة أصبحت منطقة تموت عطشًا”، في تعبير يلخّص حجم الكارثة التي تتكشف يومًا بعد آخر.

تدمير ممنهج للبنية التحتية وشلل تام في الخدمات

ووفقًا للتقييمات الفنية الأخيرة، فإن أكثر من 85% من منشآت المياه والصرف الصحي في القطاع تعرّضت لأضرار جسيمة، بعضها دُمر بالكامل، ما أدى إلى توقف شبه كامل لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. وبفعل الحصار المفروض، واستمرار القصف، وقطع الكهرباء بشكل دائم تقريبًا، ومنع دخول الوقود والمستلزمات الحيوية لتشغيل المضخات ومحطات المعالجة، توقفت معظم آبار المياه ومحطات التحلية عن العمل.

وأشارت سلطة المياه إلى أن كميات استخراج المياه تراجعت بنسبة تتراوح بين 70% و80%، ما تسبب في انخفاض معدل استهلاك الفرد إلى ما بين 3 و5 لترات فقط يوميًا، وهو رقم صادم، لا يقارن بالحد الأدنى الذي توصي به منظمة الصحة العالمية في حالات الطوارئ، والبالغ 15 لتراً يوميًا للشخص الواحد لضمان الحد الأدنى من النظافة والبقاء.

خطر بيئي وصحي داهم

وفي ظل هذا الانهيار المتسارع، تتصاعد التحذيرات من كارثة بيئية وصحية وشيكة، مع امتلاء أحواض الأمطار بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، واضطرار السكان لاستخدام مياه مالحة ملوثة، أو غير صالحة للشرب، في غياب أي بدائل. وأكدت سلطة المياه أن تصريف المياه العادمة في المناطق السكنية بات واقعًا يوميًا يهدد بتفشي أمراض خطيرة، في مقدمتها الكوليرا والتيفوئيد والتهابات الجهاز الهضمي، خاصة مع انعدام النظافة وشح المياه.

ولم تقتصر المخاطر على المواطنين فقط، بل باتت الكوادر الفنية العاملة في القطاع المائي تحت تهديد مستمر، إذ تعرض العديد من العاملين للاستهداف المباشر أثناء محاولاتهم إصلاح الأعطال أو إعادة تشغيل المنشآت المتوقفة.

انتهاكات صارخة للقانون الدولي

وأكدت السلطة في بيانها أن ما يتعرض له قطاع المياه في غزة لا يمكن وصفه إلا بأنه “عقاب جماعي وانتهاك صريح لكل الأعراف والقوانين الدولية”. ولفتت إلى أن سياسات الاحتلال تمثل خرقًا واضحًا لاتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر استهداف البنية التحتية المدنية في أوقات الحرب، وكذلك مخالفة لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يجرّم استخدام الحصار والتجويع كأسلحة ضد المدنيين.

وشدد البيان على أن “الاحتلال لا يكتفي بتدمير الآبار والمضخات، بل يمنع بشكل متعمد إدخال المواد الأساسية لإعادة التشغيل، بدءًا من قطع الغيار وانتهاءً بمواد الكلور والتعقيم، ما يهدد بانفجار أزمات صحية أكبر”.

دعوات لتحرك دولي عاجل

وفي ظل هذا الوضع الكارثي، دعت سلطة المياه المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري والفاعل لوقف العدوان على القطاع ورفع الحصار بشكل كامل، بما يضمن إدخال المستلزمات الطارئة لتشغيل منظومة المياه والصرف الصحي، وتوفير الحماية للعاملين في هذا القطاع الحيوي.

وطالبت السلطة الأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وكافة الهيئات الإنسانية، بتحمل مسؤولياتها الأخلاقية والقانونية تجاه أكثر من مليوني إنسان باتوا محرومين من أبسط حقوقهم في الماء النظيف والحياة الكريمة.

كما ناشدت المجتمع الدولي دعم جهود الحكومة الفلسطينية في تنفيذ التدخلات الطارئة وخطط التعافي لإعادة إعمار البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، والتي ستتطلب – بحسب تقديرات أولية – استثمارات ضخمة ووقتًا طويلاً لإعادة الأمور إلى الحد الأدنى من الاستقرار.

غزة تصرخ.. فهل من مجيب؟

وفي ظل تزايد الأزمات التي تعصف بالقطاع المحاصر من كل الاتجاهات، تقف أزمة المياه على رأس أولويات الاحتياجات الإنسانية، إذ لم تعد مجرد مسألة خدمية، بل قضية بقاء. فالماء في غزة، أصبح اليوم مسألة حياة أو موت.

إن نداءات العطش القادمة من غزة لا ينبغي أن تُقابل بالصمت، بل تتطلب موقفًا دوليًا حاسمًا، يعيد للناس حقهم الأساسي في الحياة، ويوقف آلة الحرب قبل أن تغرق غزة – حرفيًا – في مياه الصرف الصحي والملوحة، وتموت عطشًا وهي تحاصرها أمواج القتل والتجويع.

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى