
كتبت / دينا زكريا
في الفصل الثالث من الرواية، تزداد التوترات داخل أروقة الصحافة، ويشتد الصراع بين الصحافيين المنتمين لتيار الإخوان المسلمين وزملائهم من التيارات الأخرى، سواء الليبراليين أو المستقلين. في ظل هذه الأجواء المشحونة، يجد الصحفي “راجح” نفسه في مواجهة مباشرة مع “عماد”، الصحفي المخضرم الذي يحاول الحفاظ على استقلالية الجريدة وسط أمواج السياسة العاتية.
بدأت الأحداث تتسارع مع استمرار الاحتجاجات في الشوارع، وارتفاع أصوات المعارضة ضد حكم الرئيس محمد مرسي. في قاعة التحرير، حيث تتلاقى الأيديولوجيات المختلفة، كانت النقاشات بين الصحفيين تشتد حول كيفية تغطية الأحداث. كان راجح مقتنعًا بأن الصحيفة يجب أن تتبنى وجهة نظر الحكومة، وأن تقدم صورة إيجابية عن سياسات الرئيس، بينما كان عماد يرى أن الحقيقة لا بد أن تظهر، بغض النظر عن العواقب.
في أحد الاجتماعات التحريرية الساخنة، انفجر عماد غاضبًا قائلاً: “نحن صحفيون، ولسنا أبواقًا لأي نظام!”
رد عليه راجح ببرود: “نحن نعيش لحظة فارقة، والصحافة ليست مجرد نقل أخبار، بل هي مسؤولية وطنية.”
كانت كلمات راجح تجد صدى لدى بعض الصحفيين، بينما كان آخرون يرونها محاولة لتبرير التوجيهات القادمة من الإدارة العليا للجريدة. جلال، الصحفي الشاب الذي لم يكن ينتمي لأي تيار سياسي، كان يراقب المشهد بصمت، متأرجحًا بين المبادئ الصحفية وبين الخوف من العواقب التي قد تترتب على اتخاذ موقف واضح.
وسط هذه الأجواء، بدأ الضغط يتزايد على الصحفيين المعارضين للتيار الحاكم. تلقى عماد تحذيرات مبطنة من الإدارة، وتم استبعاده من تغطية الأحداث السياسية الساخنة. أما جلال، فقد تلقى عرضًا مغريًا لترقية سريعة، شرط أن يلتزم بالخط التحريري الداعم للحكومة. كان القرار صعبًا بالنسبة له: هل يختار مسيرته المهنية أم يتمسك بالمبادئ التي تربى عليها؟
مع اقتراب ثورة 30 يونيو، ازدادت الضغوط على الصحفيين داخل الجريدة. بدأ راجح في اتخاذ خطوات أكثر جرأة في بسط نفوذه داخل المؤسسة، محاولًا تصفية الأصوات المعارضة واحدة تلو الأخرى. في إحدى الليالي، تلقى عماد مكالمة هاتفية غامضة، تحذره من الاستمرار في نشر مقالات تنتقد السلطة، مما جعله يدرك أن الوضع قد أصبح أكثر خطورة مما توقع.
وفي مشهد درامي داخل الجريدة، اقتحم رجال الأمن المبنى بحجة البحث عن “عناصر معادية للدولة”. تم تفتيش مكاتب الصحفيين، وصودرت بعض الملفات التي كان يعمل عليها عماد. أدرك الجميع أن حرية الصحافة باتت مهددة أكثر من أي وقت مضى.
بينما كانت الشوارع تموج بالمظاهرات، وجد الصحفيون أنفسهم في مفترق طرق: إما الاستسلام للقمع، أو المجازفة بمستقبلهم من أجل الحقيقة. وفي ظل هذه الأوضاع المتأزمة، كان جلال يتابع الأحداث بعين الصحفي الباحث عن الحقيقة، لكنه لم يكن يعلم بعد إن كان قادرًا على تحمل تبعات اختياره.