
كتبت / دينا زكريا
يُعتبر فتحي قورة واحدًا من أبرز الشعراء الغنائيين في مصر والعالم العربي، إذ امتلك موهبة استثنائية في صياغة الكلمات التي تخاطب القلب والعقل معًا. استطاع قورة أن يترك بصمته المميزة في عالم الأغنية العربية، حيث تعاون مع عدد من أبرز المطربين في عصره، ومنهم عبد الحليم حافظ، ما أسهم في إثراء المكتبة الموسيقية العربية بأعمال خالدة. إلى جانب ذلك، حمل كتاب “خارج الصورة” للكاتب هاري يوسف أبعادًا نقدية حول تأثير الشعر الغنائي في السياق الاجتماعي والثقافي، متناولًا تجربة قورة وآخرين من رواد الكلمة المغناة. في هذا المقال، نستعرض مسيرة فتحي قورة، ونحلل علاقته بالفن والموسيقى، ونتطرق إلى تعاونه مع عبد الحليم حافظ وأثره على الأغنية العربية.
نشأة فتحي قورة وبداياته الفنية
ولد فتحي قورة في بيئة فنية خصبة، حيث نشأ محبًا للكلمة واللحن منذ الصغر. بدأ رحلته مع الكتابة الإبداعية من خلال محاولات شعرية بسيطة سرعان ما تطورت لتصبح أغنيات ذات طابع شعبي وجماهيري. كانت قدرته الفائقة على تطويع الكلمات وجعلها قريبة من الناس مفتاح نجاحه، إذ كتب العديد من الأغاني التي لاقت انتشارًا واسعًا وأصبحت جزءًا من الذاكرة الجماعية للمستمع العربي.
أسلوب فتحي قورة الشعري وتأثيره في الأغنية العربية
تميز أسلوب فتحي قورة بالبساطة الممتزجة بالعمق، حيث استطاع أن يعبّر عن مشاعر الناس بأسلوب سهل ممتنع، يجمع بين العفوية والرصانة. لم تكن كلماته مجرد جمل شعرية، بل كانت قصصًا مصغرة تحكي عن الحب، الفراق، السعادة والحياة اليومية بلمسة فنية راقية. اعتمد قورة على إيقاع موسيقي متناسق مع الكلمات، ما جعله قادرًا على التفاعل مع الألحان المختلفة، سواء في الأغاني العاطفية أو الوطنية أو الاجتماعية.
“خارج الصورة” وقراءة نقدية لمسيرة قورة الفنية
في كتاب “خارج الصورة” للكاتب هاري يوسف، نجد تحليلًا نقديًا لمسيرة فتحي قورة وأثره في الموسيقى العربية. يتناول الكتاب فكرة أن الأغنية ليست مجرد كلمات وألحان، بل هي انعكاس لحالة اجتماعية وثقافية أوسع. يناقش يوسف كيف أن قورة كان يجسد في كلماته مشاعر الفئات المختلفة من المجتمع، مقدمًا بذلك فنًا يعكس نبض الشارع.
الباب الخامس مع عبد الحليم حافظ: تعاون استثنائي
من أبرز محطات فتحي قورة تعاونه مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، حيث شكّل هذا التعاون علامة فارقة في مسيرته. تميزت أغاني قورة لعبد الحليم بحسٍ شعري عاطفي قوي، وبقدرة على التلاعب بالمفردات لخلق تجربة غنائية متكاملة. كانت أغانيه تحمل في طياتها معاني صادقة وأحاسيس مؤثرة، ما جعلها تحظى بشعبية واسعة بين الجمهور.
تأثير قورة على الأجيال اللاحقة
لم يقتصر تأثير فتحي قورة على جيله فقط، بل امتد إلى الأجيال التالية من الشعراء والمطربين. أسهمت أعماله في رسم ملامح جديدة للأغنية العربية، حيث استلهم العديد من الشعراء اللاحقين منه أسلوبه السلس والعميق في الكتابة. كما ساهمت كلماته في تجديد الأغنية المصرية وجعلها أكثر التصاقًا بحياة الناس ومشاعرهم.
يمكن القول إن فتحي قورة لم يكن مجرد شاعر غنائي، بل كان مبدعًا استطاع أن يضيف لونًا خاصًا إلى الموسيقى العربية. من خلال كلماته البسيطة والعميقة في آن واحد، استطاع أن يحجز لنفسه مكانة مرموقة في قلوب المستمعين. وبينما يظل إرثه الأدبي والموسيقي خالدًا في ذاكرة الفن العربي، فإن دراسته وتحليل أثره، كما جاء في كتاب “خارج الصورة”، تظل ضرورية لفهم كيف أسهمت كلماته في تشكيل وجدان الأجيال المختلفة.