أخبار عاجلة

نيويورك تايمز: قبول ترامب للقصر الطائر يتجاوز حدود اللياقة

في تقرير جديد مثير للجدل، سلّطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على ما وصفته بـ”التحرر المتزايد من القيود الأخلاقية والقانونية” في أروقة واشنطن خلال الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مشيرة إلى أن قبول إدارته لطائرة فاخرة من قطر تقدر قيمتها بنحو 400 مليون دولار ليس سوى مثال إضافي على ما باتت تعتبره الصحيفة “واقعًا سياسيًا جديدًا” يعكس اتساع الفجوة بين السلطة والمساءلة.

وبحسب التقرير، فإن إدارة ترامب لم تكتفِ فقط بقبول الهدية، بل وضعت ترتيبات تتيح للرئيس نفسه استخدام الطائرة خلال فترة ولايته، على أن تُنقل لاحقًا إلى مؤسسته الرئاسية بعد مغادرته البيت الأبيض. هذا التحرك، تقول الصحيفة، يمثل “تجسيدًا واضحًا لازدراء صارخ للمعايير المتعارف عليها”، والتي كانت حتى وقت قريب تحكم العلاقة بين رؤساء الولايات المتحدة والجهات الأجنبية والداعمين الماليين.

الطائرة القطرية.. هدية تثير الجدل

الطائرة الفارهة، التي يُعتقد أنها من طراز “بوينغ دريملاينر” المعدّلة بأحدث التجهيزات الفاخرة، لم تُقدم بحسب التقرير لأي غرض دبلوماسي رسمي، بل جاءت كجزء من علاقات مالية وسياسية متشابكة بين إدارة ترامب والعديد من القوى الاقتصادية في الشرق الأوسط، وعلى رأسها قطر، التي حافظت على علاقات متأرجحة مع واشنطن خلال العقود الماضية.

ورغم أن البيت الأبيض لم يصدر أي تعليق رسمي على الصفقة حتى الآن، إلا أن مصادر مقربة من الإدارة أكدت للصحيفة أن الرئيس يعتبر الطائرة “أداة تنفيذية مهمة” وأنه يعتزم استخدامها للتنقل في رحلات رسمية وشخصية على حد سواء، قبل أن تصبح جزءًا من “إرثه السياسي” ضمن مؤسسته الخاصة بعد انتهاء ولايته.

حصانة رئاسية وغياب للمساءلة

وأشارت الصحيفة إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت إدارة ترامب إلى المضي قدمًا في هذا النوع من الصفقات المثيرة للجدل يعود إلى قرار المحكمة العليا الأمريكية العام الماضي، والذي منح الرؤساء حصانة واسعة النطاق من الملاحقة القانونية على أفعالهم الرسمية أثناء توليهم المنصب. هذا الحكم، بحسب محللين قانونيين، فتح الباب أمام ممارسات غير مسبوقة في تاريخ الإدارة الأمريكية، وقلّص من إمكانية مساءلة الرئيس عن قرارات يعتبرها معارضوه مشبوهة أو انتهازية.

كما أن سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري – التي وصفها البعض بأنها “سيطرة مطلقة” – تعني عمليًا أن هناك غيابًا تامًا لأي معارضة داخلية قد تسائل قراراته أو تشكك في شرعيتها، وهو ما فاقم حالة “التحرر” من الأعراف السياسية التي لطالما شكلت العمود الفقري للممارسة الديمقراطية في البلاد.

لجنة تنصيب غير مسبوقة بميزانية خيالية

وفي هذا السياق، لفتت نيويورك تايمز إلى أن لجنة تنصيب ترامب للولاية الثانية جمعت رقمًا ماليًا فلكيًا تجاوز 239 مليون دولار، أي ما يعادل أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق البالغ 107 ملايين دولار، الذي جمعته لجنته خلال تنصيبه الأول في عام 2017.

وتتساءل الصحيفة عن مصير هذا المبلغ الضخم، مشيرة إلى أنه لا توجد طريقة عملية لإنفاق ربع مليار دولار على حفلات تنصيبية ومناسبات بروتوكولية، في ظل غياب الشفافية والتقارير المفصلة عن كيفية توزيع الأموال، أو الجهات المستفيدة منها. بل إن اللجنة نفسها امتنعت عن الإفصاح عن ما سيؤول إليه فائض هذه الأموال، ما يثير شكوكًا بشأن استخدام هذه الموارد لأغراض شخصية أو استثمارية مرتبطة بالرئيس أو دائرته المقربة.

العملة الرقمية.. مشروع سياسي بواجهة مالية

ولم تكتفِ إدارة ترامب بإثارة الجدل على المستوى السياسي فقط، بل امتدت تحركاتها إلى المجال المالي الرقمي أيضًا. فبحسب الصحيفة، أطلق ترامب مؤخرًا عملة رقمية باسمه تحمل الرمز “$TRUMP”، وهي عملة مشفرة تستهدف مستثمري العملات الرقمية حول العالم، وتتيح لهم شراء ما وصفه التقرير بـ”الولاء السياسي” مقابل المكاسب المستقبلية المحتملة.

وقد حققت عائلة ترامب بالفعل أرباحًا ضخمة من رسوم المعاملات، وتقدر احتياطاتها الخاصة من هذه العملة بمليارات الدولارات على الورق، رغم أن العملة نفسها – كما تقول الصحيفة – “تفتقر إلى أي قيمة جوهرية حقيقية”.

المثير للجدل أكثر، بحسب تقرير نيويورك تايمز، أن ترامب قام بربط مزايا سياسية وشخصية مباشرة بامتلاك هذه العملة، معلنًا عن مزاد خاص تُمكن فيه كبار المشترين من الحصول على “فرصة ذهبية” للقاء شخصي معه، أو حضور مأدبة عشاء خاصة في أحد ملاعب الجولف التي يمتلكها، بل ووعد بأن أكبر حاملي العملة قد يُمنحون جولة خاصة في البيت الأبيض نفسه.

نظام سياسي على مفترق طرق

ويرى خبراء تحدثت إليهم الصحيفة أن هذه التطورات تشير إلى “تحول خطير في بنية النظام السياسي الأمريكي”، حيث بات من الممكن – وفق تعبير أحد المحللين – “شراء النفوذ والرمزية السياسية باستخدام عملة مشفرة أو تبرع مالي ضخم”، في ظل إدارة تبدو عازمة على كسر كل الحواجز القانونية والأخلاقية التي كانت تحكم العلاقة بين السلطة والمجتمع.

وفي الوقت الذي لم تُصدر فيه المؤسسات الرقابية أو الكونغرس أي بيان رسمي حتى الآن بشأن هذه الوقائع، تتزايد المطالبات من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام بإجراء تحقيقات فورية وشفافة في صفقات إدارة ترامب، خاصة في ظل مؤشرات متزايدة على أن “ما كان يُعد فضيحة قبل عقد من الزمان، أصبح اليوم مجرد عنوان ثانوي في نشرات الأخبار”.


ما تكشفه نيويورك تايمز ليس مجرد حادثة معزولة، بل نموذج يعكس تغيرًا جذريًا في طبيعة السلطة داخل الولايات المتحدة. وبينما يرى أنصار ترامب في تحركاته تجديدًا للسياسة بأسلوب عصري وغير تقليدي، يحذر خصومه من أنها خطوات تُمهد لتحول النظام الأمريكي من جمهورية ديمقراطية إلى منظومة ولاءات شخصية تمولها الثروات وتحميها الحصانات.

وفي ظل غياب حدود واضحة بين المال والسياسة، تبقى الديمقراطية الأمريكية على المحك، معلقة بين الماضي المؤسسي والحاضر التجاري، وبين الخدمة العامة والمصلحة الخاصة.

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى