علوم و تكنولوجيا

تصويت موظفي سبيس إكس يمهد الطريق لأول مدينة فضائية في تكساس

كتب دينا زكريا

في تحول لافت قد يعيد رسم ملامح التخطيط الحضري في الولايات المتحدة، صوّت سكان منطقة قاعدة “ستاربيس” التابعة لشركة “سبيس إكس” لصالح تحويلها إلى مدينة رسمية، في خطوة تعكس تنامي تأثير القطاع الخاص في تشكيل النظم الإدارية والمجتمعية، وتحديدًا شركات التكنولوجيا والفضاء.

R 1 1 R 2

فقد جاءت نتيجة التصويت، الذي أُجري مؤخرًا في مقاطعة كاميرون بولاية تكساس، لتُعلن بوضوح نية السكان – ومعظمهم من موظفي الشركة – في منح مشروع إيلون ماسك دفعة قانونية جديدة: 212 صوتًا مؤيدًا، مقابل 6 أصوات فقط رافضة، في حين كان الحد الأدنى اللازم للتمرير لا يتعدى 143 صوتًا.

من تغريدة إلى مدينة

فكرة “ستاربيس” لم تكن وليدة الأمس، بل تعود جذورها إلى مارس 2021 حين غرد الملياردير ومؤسس “سبيس إكس”، إيلون ماسك، عبر تويتر معلنًا حلمه بتأسيس مدينة فضائية مستقبلية في قلب تكساس. حينها بدت الفكرة أقرب إلى الخيال العلمي، ولكن خلال ثلاث سنوات فقط، تحوّلت الرؤية إلى خطوات قانونية ملموسة على أرض الواقع.

اليوم، تُعد “ستاربيس” مرشحة لتكون أول مدينة أميركية تنشأ بالكامل حول شركة خاصة، وبهدف صريح مرتبط بصناعة الفضاء واستكشاف الكواكب. ووفقًا للبيانات الأولية، ستمتد المدينة الجديدة على مساحة تُقدّر بـ1.5 ميل مربع، منفصلة إداريًا عن سلطة مقاطعة كاميرون التي كانت سابقًا تشرف على تنظيم المنطقة.

صلاحيات جديدة.. وقيود قديمة

التحول إلى مدينة يمنح “ستاربيس” – ومن ورائها “سبيس إكس” – درجة أعلى من التحكم في القرارات المحلية، خاصة ما يتعلق بإجراءات إطلاق الصواريخ وإغلاق الطرق المؤدية إلى منشآت الشركة، أو حتى الحد من وصول الجمهور إلى الشواطئ والمتنزهات المحيطة، مثل شاطئ “بوكا تشيكا” الشهير.

وقد احتفل إيلون ماسك بالقرار فور صدوره عبر منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بينما نشرت الإدارة الجديدة للمدينة الناشئة أول بيان رسمي جاء فيه:

“تحولنا إلى مدينة سيساعدنا في مواصلة بناء أفضل مجتمع ممكن للرجال والنساء الذين يصنعون مستقبل البشرية في الفضاء.”

لكن في المقابل، لا تزال هناك بعض العقبات أمام التطبيق الكامل لهذا التحول. فرغم إتمام التصويت المحلي، ينتظر القرار تصديقًا رسميًا من الجهات القضائية والتنفيذية في المقاطعة. وفي هذا السياق، صرّح المسؤول الانتخابي في مقاطعة كاميرون، ريمي جارزا، بأن إعلان النتائج قانونيًا لا يزال قيد الإجراءات.

أما قاضي المقاطعة، إدي تريفينو، فكان له موقف أكثر تحفظًا، إذ صرّح بأن تغيير آليات التصاريح والتراخيص التي تخضع لها “سبيس إكس” ليس ضروريًا في الوقت الراهن، ما قد يضع سقفًا زمنيًا لطموحات المدينة الجديدة ويُبقيها تحت بعض إشراف المقاطعة مؤقتًا.

مدينة تُبنى على طموح

بعيدًا عن الجدل القانوني، تحمل تجربة “ستاربيس” في طياتها أبعادًا ثقافية واجتماعية جديدة. فهي لا تمثل مجرد توسع إداري، بل تعكس نمطًا جديدًا من المدن القائمة على الشركات. فبدلًا من أن تؤسس الشركات في المدن، باتت المدن تنشأ من أجل الشركات، وتُبنى وفق احتياجاتها.

هذه الفكرة تُعيد إلى الأذهان مفاهيم “مدن الشركات” التي ظهرت في بدايات القرن العشرين، حين أنشأت شركات المناجم والمصانع مجتمعات صغيرة حول مواقع الإنتاج. لكن الفرق الجوهري اليوم أن ستاربيس لا تسعى فقط إلى تشغيل العمال، بل إلى خلق مجتمع متكامل يشارك في مشروع إنساني طموح: استعمار الفضاء.

مستقبل ستاربيس.. ونموذج جديد للمدن

تثير تجربة “ستاربيس” العديد من الأسئلة حول مستقبل العلاقة بين الدولة والشركات، خاصة إذا ما أصبحت النماذج الشبيهة بها أكثر شيوعًا. هل يمكن لمدن مماثلة أن تنشأ حول مراكز الأبحاث، أو شركات الذكاء الاصطناعي، أو الطاقة المتجددة؟ وهل يصبح القطاع الخاص فاعلًا موازيًا للحكومات في رسم حدود المدن ومستقبلها؟

المحللون يرون أن هذه الخطوة ليست مجرد تطور إداري، بل بداية لحقبة جديدة من المدن التقنية التي قد تغيّر مفهوم السيادة المحلية نفسها. ففي “ستاربيس”، لا تحدد الحكومة ما يمكن أن يُبنى، بل الشركة.

وفي ظل تصاعد مشاريع “سبيس إكس” نحو القمر والمريخ، تبقى “ستاربيس” أول محطة على الأرض في طريق الوصول إلى النجوم.

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى