كتبت / دينا زكريا
في تصريحات هامة خلال مؤتمر صحفي عُقد مؤخرًا، علّق الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، على الجدل المثار بشأن توقيت إعلان الحكومة عن قرار زيادة أسعار المحروقات، والذي جاء في يوم الجمعة، وهو يوم عطلة رسمية في مصر. وقد أوضح مدبولي أن اختيار هذا التوقيت لم يكن اعتباطيًا، بل جاء بدافع الحرص على تقليل الآثار السلبية المحتملة الناتجة عن تطبيق الزيادة في أيام العمل.
وقال رئيس الوزراء إن “يوم الجمعة هو يوم إجازة رسمية، ومعظم المواطنين لا يذهبون إلى أعمالهم، ويكونون متواجدين في منازلهم، وهو ما يجعل عملية التعامل مع قرار الزيادة أكثر هدوءًا وتنظيمًا”. وأضاف موضحًا: “أول هاجس كان في ذهني هو المواقف وسائقي الميكروباصات، لأنه لو تم الإعلان عن القرار في يوم عمل عادي، سيكون هناك احتمالية كبيرة أن يقوم السائقون برفع الأجرة بشكل عشوائي، ودون ضوابط، ما قد يؤدي إلى حالة من الفوضى والارتباك بين المواطنين”.
وأشار مدبولي إلى أن الحكومة تتعامل مع مثل هذه القرارات بحذر شديد وتخطيط دقيق، حيث يتم تشكيل غرفة عمليات مركزية فور اتخاذ القرار، وتبدأ بالتنسيق مع المحافظين في مختلف أنحاء الجمهورية، من أجل وضع تعريفة جديدة لوسائل النقل تتناسب مع الزيادة المعلنة في أسعار الوقود. وأكد أن هذه التعريفة يتم تعميمها على الفور وتطبيقها تحت إشراف الجهات المعنية، وذلك لضمان عدم استغلال المواطنين أو التلاعب في الأسعار.
تعويضات نزع الملكية: الحكومة تخصص أكثر من 15 مليار جنيه
وفي سياق متصل، تحدث رئيس الوزراء عن جهود الحكومة في مجال تطوير البنية التحتية والمشروعات القومية، مشيرًا إلى أن الدولة قامت بتخصيص أكثر من 15 مليار جنيه ضمن الموازنة العامة كتعويضات لأعمال نزع الملكية للمنفعة العامة. وأكد أن هذه الخطوة تعكس التزام الدولة بحقوق المواطنين، وحرصها على تعويضهم بشكل عادل عند تنفيذ مشروعات تنموية تستلزم نقل أو إزالة ملكيات خاصة.
وأوضح مدبولي أن الحكومة تنفذ حاليًا عددًا من المشروعات الحيوية التي تتطلب توسعات عمرانية أو تطوير بنية تحتية، مثل إنشاء الطرق الجديدة أو شبكات المواصلات الحديثة، وهو ما يتطلب أحيانًا نزع بعض الممتلكات الخاصة من أجل الصالح العام. وأضاف أن تخصيص هذا الرقم الكبير في الموازنة يعكس اهتمام الدولة بالمواطن وضمان حصوله على حقوقه كاملة.
سعر المحروقات: لا زيادات جديدة قبل أكتوبر.. والعوامل متعددة
وحول مستقبل أسعار المحروقات، أوضح رئيس الوزراء أن تسعير المواد البترولية لا يعتمد فقط على سعر خام برنت العالمي، بل يتم تحديده بناءً على عدد من العوامل الأخرى، من بينها سعر صرف العملة، وتكاليف النقل والتكرير، والظروف الاقتصادية العامة. وأكد مدبولي أن الحكومة لا تعتزم النظر في أي زيادات جديدة قبل شهر أكتوبر المقبل، وذلك في إطار حرصها على استقرار السوق وتخفيف الأعباء عن المواطنين قدر الإمكان.
وأشار إلى أن لجنة تسعير المنتجات البترولية، وهي الجهة المسؤولة عن مراجعة الأسعار كل ثلاثة أشهر، تأخذ في الاعتبار كافة هذه العوامل لضمان تحقيق التوازن بين حماية الموازنة العامة للدولة من الخسائر الناتجة عن الدعم، وفي الوقت ذاته، عدم تحميل المواطن أعباءً غير مبررة.
توريد القمح المحلي: أولوية للحكومة في الموسم الحالي
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي، أكد مدبولي أن الحكومة تستهدف خلال الموسم الحالي توريد أكبر كمية ممكنة من القمح المحلي، وذلك في إطار سعيها لتعزيز الأمن الغذائي وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي. وأوضح أن الدولة تقدم حوافز كبيرة للمزارعين من أجل تشجيعهم على تسليم محصول القمح، كما يتم توفير كافة التسهيلات المطلوبة لضمان نجاح موسم التوريد.
وشدد على أن الحكومة تنظر إلى محصول القمح باعتباره من المحاصيل الاستراتيجية التي تمس الأمن القومي المصري، خاصة في ظل التحديات العالمية المرتبطة بأسعار الغذاء والتوريد. وقال إن الدولة مستمرة في دعم هذا القطاع الحيوي من خلال برامج تمويل زراعي، وتوسيع رقعة الأراضي المزروعة، وتحديث تقنيات الزراعة والري.
تحسن الأوضاع الاقتصادية.. وتفاؤل بالمستقبل
وفي ختام تصريحاته، أكد رئيس الوزراء أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تشهد تحسنًا ملحوظًا مقارنة بالعام الماضي، مشيرًا إلى أن هناك مؤشرات إيجابية تدل على أن البلاد تسير في طريق التعافي والنمو. وقال إن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة من أجل تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، وتعزيز الاستثمارات، ودعم القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة والتعليم والصحة.
وأضاف أن الدولة تدرك التحديات التي تواجه المواطن، وتعمل على تخفيفها من خلال برامج الحماية الاجتماعية، وتوفير الدعم لمستحقيه، إلى جانب العمل الجاد على إصلاح الاقتصاد وضبط السياسات المالية والنقدية.
