
يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب حدثًا ثقافيًا بارزًا في مصر والعالم العربي، حيث يُجمع فيه المثقفون، الكتاب، والقراء من كافة الأعمار والاهتمامات، ما يجعله واحدًا من أكبر وأهم معارض الكتب في المنطقة. في دورته الـ56 التي تُعقد في يناير 2025، يسلط المعرض الضوء على مجموعة من المبادرات الجديدة التي تهدف إلى تعزيز القراءة والثقافة في المجتمع المصري. تواكب هذه المبادرات التوجهات الحالية للدولة في دعم الثقافة كأداة تنموية لبناء الإنسان المصري.
أهمية معرض الكتاب ودوره في المجتمع المصري
يعد معرض القاهرة الدولي للكتاب من المنصات الرئيسية التي تشهد إقبالًا كبيرًا من زوار المعرض، سواء كان ذلك من القراء العاديين أو الباحثين والمثقفين والمبدعين. منذ انطلاقته الأولى في عام 1969، أصبح المعرض حدثًا ثقافيًا ينتظره الجميع في كل عام. يساهم المعرض في تنمية الوعي الثقافي وتعزيز حضور الأدب المصري والعربي على الساحة الدولية، ويسمح للمواطنين بالاطلاع على أحدث الإصدارات في مختلف المجالات من الأدب والفكر والتاريخ والفنون.
ومع مرور الزمن، زاد الاهتمام بالمعرض كفرصة لتعريف الجمهور على أهم إصدارات دور النشر المحلية والدولية، كما أصبح منبرًا للتفاعل المباشر بين الكتاب والجمهور. وفي السنوات الأخيرة، بدأ المعرض يشهد تحولات ملحوظة في استراتيجيات جذب الجمهور، حيث تضاف العديد من الفعاليات والمبادرات التي تهدف إلى تشجيع القراءة وتعزيز الثقافة في المجتمع المصري بشكل أوسع.
مبادرة “مصر تقرأ”
في خطوة جديدة لدعم وتنشيط القراءة بين المصريين، أطلقت وزارة الثقافة المصرية مبادرة “مصر تقرأ”، التي تهدف إلى تشجيع المواطنين على اقتناء الكتب والاطلاع على محتوياتها بأسعار مناسبة. المبادرة تأتي في سياق اهتمام الدولة بتوسيع دائرة القراءة وجعل الثقافة في متناول الجميع، وتعتبر فرصة هامة للمواطنين لتكوين مكتباتهم الخاصة وفتح أبواب المعرفة أمامهم.
أهداف المبادرة:
- زيادة الوعي بالقراءة: المبادرة تهدف إلى رفع الوعي بأهمية القراءة كأداة تنموية لبناء الشخصية والوعي المجتمعي.
- تشجيع الفئات المختلفة على اقتناء الكتب: من خلال تقديم خصومات على الكتب، سيتمكن الكثير من القراء من اقتناء الكتب التي تهمهم.
- تشجيع الثقافة المتنوعة: ستشمل المبادرة كتبًا في مختلف المجالات، مما يتيح للقراء الاطلاع على المعرفة في العديد من التخصصات من الأدب والفنون إلى العلوم والدراسات الاجتماعية.
تعمل المبادرة على تقديم خصومات كبيرة للقراء تشمل مختلف أنواع الكتب، سواء كانت في مجالات الأدب أو العلوم أو التاريخ أو الفنون. هذه الخصومات تهدف إلى تسهيل عملية شراء الكتب وزيادة عدد القراء الذين يحصلون على فرصة لاقتناء الكتب بأسعار مناسبة.
مبادرة “المليون كتاب”
تُعدّ مبادرة “المليون كتاب” واحدة من أبرز المبادرات التي أطلقتها وزارة الثقافة في إطار تحفيز القراءة بين المواطنين. وتهدف هذه المبادرة إلى توزيع مليون كتاب من إصدارات مختلفة على شريحة واسعة من المجتمع المصري. يشمل هذا التوزيع فئات متنوعة مثل المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية والمجتمعية. تسعى المبادرة إلى خلق مجتمع قارئ عبر توسيع دائرة الوصول إلى الكتب بشكل أكبر وأوسع.
أهداف المبادرة:
- زيادة توزيع الكتب في مختلف أنحاء مصر: بما في ذلك المدارس، والجامعات، والهيئات الثقافية والمكتبات العامة.
- الاهتمام بالفئات العمرية المختلفة: من خلال تخصيص كتب تناسب الأطفال والشباب والكبار.
- نشر الوعي الثقافي: تساهم المبادرة في نشر ثقافة القراءة في مناطق قد لا تكون مراكز ثقافية كبيرة.
تتعاون وزارة الثقافة مع العديد من المؤسسات الثقافية في تنفيذ المبادرة، مثل الهيئة العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وصندوق التنمية الثقافية، والمجلس الأعلى للثقافة، وغيرها من الجهات ذات الصلة. وبذلك، يتم تأكيد التعاون بين مختلف قطاعات وزارة الثقافة من أجل تحقيق الهدف الأسمى للمبادرة وهو الوصول إلى أكبر عدد من القراء في كل مكان في مصر.
مبادرة “شنطة قصور الثقافة”
من بين المبادرات الجديدة التي تضاف إلى فعاليات المعرض هذا العام، تأتي “شنطة قصور الثقافة”، وهي مبادرة تهدف إلى توفير مجموعة من الكتب بأسعار زهيدة تستهدف فئات القراء الأقل قدرة على شراء الكتب الحديثة. هذه المبادرة تشكل فرصة رائعة للمواطنين لاقتناء مجموعة متنوعة من الكتب القديمة التي تحمل قيمًا ثقافية ومعرفية عالية.
أهداف المبادرة:
- إتاحة الكتب بأسعار مناسبة: من خلال تقديم مجموعة من الكتب القديمة بأسعار منخفضة، مما يسهم في نشر الثقافة بين الفئات الأقل دخلًا.
- نشر الإصدارات القديمة: تحاول المبادرة إبراز أهمية الكتب القديمة التي لا يزال بإمكانها تقديم قيمة معرفية وثقافية عالية.
- تشجيع القراءة بين الأطفال والشباب: من خلال توفير مجموعة من الكتب الموجهة للأطفال والشباب، تسهم المبادرة في زرع حب القراءة من سن مبكرة.
تتمثل فكرة المبادرة في توزيع حقيبة تحتوي على أكثر من 25 كتابًا تتنوع موضوعاتها بين الأدب، والعلوم، والفنون، وغيرها من المواضيع الثقافية الهامة. يتم بيع الحقيبة بأسعار رمزية، مما يجعلها في متناول الجميع، لا سيما أولئك الذين لا يستطيعون شراء الكتب بأسعار السوق المعتادة.
أثر المبادرات على الثقافة المصرية
تساهم هذه المبادرات في عدة جوانب تنموية داخل المجتمع المصري:
- رفع مستوى الوعي الثقافي: من خلال تشجيع الأفراد على القراءة والاطلاع على الكتب، تساهم المبادرات في تعزيز الثقافة العامة داخل المجتمع.
- تشجيع جيل جديد من القراء: المبادرات تسهم في جذب الشباب والمراهقين إلى القراءة، وهو ما يضمن نشوء جيل واعٍ يقدر المعرفة والابتكار.
- دعم المبدعين المصريين: بتوفير منصة لعرض الكتب المصرية وتوزيعها، يمكن للمبدعين من الكتاب والمثقفين المصريين الوصول إلى جمهور أكبر.
- تعزيز الهوية الثقافية: من خلال التركيز على الإصدارات الثقافية المصرية والعربية، تعزز المبادرات الهوية الثقافية الوطنية وتعيد تسليط الضوء على التراث الأدبي.
إن المبادرات التي تقدمها وزارة الثقافة في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذا العام، مثل “مصر تقرأ”، “المليون كتاب”، و”شنطة قصور الثقافة”، هي خطوات هامة نحو بناء مجتمع ثقافي مستنير. هذه المبادرات لا تقتصر على بيع الكتب أو توفيرها بأسعار مخفضة، بل تعمل على نشر ثقافة القراءة وتعزيز دور الكتاب في حياة المصريين.
من خلال توفير الكتب بمختلف المجالات وبأسعار مناسبة، وتوزيعها في الأماكن التي تصل إلى أكبر عدد من الأفراد، ستتمكن هذه المبادرات من جعل القراءة جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية للمواطنين. وبذلك، تسهم وزارة الثقافة في بناء مجتمع قارئ قادر على التفكير النقدي والتحليلي، مما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع المصري في جميع المجالات.