
في أحد الأحياء الشعبية بمدينة الجيزة، حيث تتداخل الظروف الاجتماعية الصعبة مع الأحلام المؤجلة، ظهرت فتاة يُطلق عليها “دوسة”، التي أصبحت حديث الشارع بعدما طغت قصتها على وسائل الإعلام والمواقع الرقمية. بدأت رحلة “دوسة” في بيئة اجتماعية قاسية، حيث عايشت فقدان والدها في سن مبكرة، ما دفعها للعمل في وقت مبكر من حياتها من أجل إعالة والدتها وأشقائها. ظروفها القاسية كانت الدافع الأول لها لدخول عالم الرقص، حيث وجدت في هذا المجال وسيلة للتعبير عن ذاتها وكسب لقمة العيش بكرامة في نظرها.
كانت البداية من الملاهي الليلية، حيث أصبحت “دوسة” واحدة من الوجوه البارزة، ترافق عروضها طابع الإثارة الذي جذب انتباه كثيرين. لكن هذه الخطوة لم تلبث أن أخذت منحى مختلفاً عندما قررت توظيف منصات السوشيال ميديا كوسيلة للترويج لنشاطها. بدأت تنشر فيديوهات تحمل طابع الإثارة عبر حساباتها الشخصية، مخاطبة غرائز المشاهدين. بهذه الطريقة، نجحت في تحقيق أرباح تصل إلى خمسة آلاف جنيه يومياً، لتتحول سريعاً إلى واحدة من أبرز الأسماء في عالم الفيديوهات عبر “تيك توك” ومنصات التواصل الاجتماعي.
لكن لم يكن صعود “دوسة” خالياً من العقبات. فمع انتشار شهرتها، بدأت تظهر الانتقادات والاتهامات لها بتجاوز الحدود القانونية والأخلاقية، خصوصاً مع بث مقاطع ساخنة أصبحت تنتشر بشكل واسع. اتهمتها السلطات بخرق القانون، ما أدى إلى القبض عليها عدة مرات، رغم محاولاتها المستمرة لتبرير موقفها قائلة: “ماحصلش أي حاجة من الكلام دا.. أنا برقص بشرفي”. في كل مرة كانت تعود فيها إلى الساحة بعد الإفراج عنها، كانت تتوسع في نشاطها، متجاهلة الأصوات المنتقدة.
بمرور الوقت، زاد صيت “دوسة” وانتشرت شهرتها حتى وصلت إلى خارج حدود مصر. لكن في المقابل، ظلت تحركاتها محل متابعة دقيقة من الأجهزة الأمنية، التي رصدت نشاطها المثير للجدل، حيث أمرت بإجراء المزيد من التحريات وجمع المعلومات حولها. ونتيجة لهذه المراقبة، تم مداهمة شقتها في حديقة الأهرام من قبل أجهزة مكافحة جرائم الآداب، حيث وجهت إليها عدة اتهامات جديدة، لتجد نفسها مجدداً في أروقة التحقيقات القانونية.
تظل قصة “دوسة” مثيرة للجدل، وتفتح أبواب النقاش حول الحدود بين حرية التعبير والتقاليد المجتمعية، ومدى تأثير وسائل الإعلام الرقمية في تشكيل الظواهر الاجتماعية. بين من يرى في حياتها وسيلة للكسب المشروع، وبين من ينظر إليها على أنها خرق للقانون، تبقى القصة برمتها مسرحاً للصراع بين القيم الاجتماعية الحديثة وبين تأثير منصات السوشيال ميديا التي تطورت بسرعة فائقة.