المرأه

حين تُحب المرأة بصدق وتُقابل بالاستهانة: قصة انسحاب صامت من معركة لم تكن عادلة

كتبت دينا زكريا

مقدمة: الحب ليس عذرًا للاستنزاف

في كل علاقة تبدأ بنبضٍ صادق، يُولد حلم مشترك، وأمل في مشاركة الحياة بمنحنيات حبها وخيباتها. لكنّ الحب، مهما بلغ من نقاء، ليس مبررًا للاستنزاف، ولا ذريعة لقبول التجاهل. حين تَمنح امرأة قلبها بصدق، فإنها لا تفعل ذلك عن ضعف أو احتياج، بل لأن بداخلها وفاء لا يعرف الحسابات. غير أن أكثر القلوب عطاءً، هي أيضًا أكثرها تعرضًا للخذلان.

في عالمٍ يُطالِب النساء بالصبر والتغاضي، تخوض كثير من النساء معارك خفية، لا يُدركها من حولهن. معارك بين قلبٍ يُحب، وكرامةٍ تُستنزف. هذا المقال يرصد رحلة امرأة لم تَخرج من علاقة لأنها لا تُحب، بل لأنها تعلّمت أن تُحب نفسها كما أحبته.

المصري الوطني


الفصل الأول: بدايات الحب والرهان على التغيير

الدفء الأول

البدايات دومًا فاتنة. يجذبها اهتمامه، يدهشها حديثه، تُصدّق وعوده، وتُراهن على صدقه. لم يكن الحب في البداية مفاجئًا، بل جاء على مراحل: كلمة أثارت قلبها، اهتمام عابر تطوّر، ثم لحظة قررت فيها أن تمنحه كل ما تملك من مشاعر.

كانت تعتقد أن الحب شفاء، وأنها بصدقها قادرة على احتوائه. رأت فيه مشروعًا إنسانيًا يحتاج للاحتواء، ولأنها بطبعها معطاءة، كانت مستعدة أن تُغدق عليه الأمان دون حساب.

علامات التبدل الأولى

بمرور الوقت، بدأت ملامح التغيّر تلوح. الغياب غير المبرر، الصمت المفاجئ، الاهتمام المتقطّع، وغياب الرغبة في التشارك الحقيقي. كان يتعامل وكأن وجودها مضمون، وحبها أمر مُسلّم به.

كانت هي تُقنع نفسها دومًا بأنه يمرّ بضغط، أو أنه يحتاج وقتًا، أو أن الحب قادر على إصلاحه. راهنت على الأيام. راهنت عليه.


الفصل الثاني: الاستهانة المقنّعة بالحب

الخذلان لا يأتي دفعة واحدة

لم يكن هناك حدثٌ جلل قلب المعادلة، بل خيبات صغيرة متراكمة: مرة لم يسألها عن حالها، مرة لم يلاحظ دمعتها، ومرة لم يعتذر عن غيابه. لكنها رغم كل ذلك، ظلّت تُبرر. كانت كل خيبة درسًا، لكنها لم تكن على استعداد لتسلّم نتيجته بعد.

كل مرة سامحته فيها، ظنّ أنها ضعيفة. كل تردد منها في اتخاذ موقف، قرأه على أنه عدم قدرة على الرحيل. لم يرَ أن كل صمتٍ منها كان طريقة لتفهم نفسها، لا لتبرر أفعاله.

حين تتحول العفوية إلى عبء

كان يتوقع منها أن تُبادر دائمًا. أن تسأل وتتابع وتُطمئن. وحين بدأت تقلّ أسئلتها، استغرب. لم يفهم أن العفوية لا تعني اللامحدودية، وأنها حين تتوقف، فإن هناك شيئًا في قلبها قد تغير.

هو لم يكن سيئًا بالكامل، لكنه لم يكن حاضرًا بما يكفي. لم يكن مهتمًا بأن يبادلها كما تُعطي. رآها دومًا في موقع الساعي، لا الشريك.


الفصل الثالث: لحظة الإدراك

الليلة التي غيرت كل شيء

كانت هناك ليالٍ كثيرة نامت فيها باكية، لكنها في إحداها فقط استيقظت بشكل مختلف. لم تعد تفكر في سبب غيابه، ولا إن كانت قد أخطأت، بل سألت نفسها سؤالًا جوهريًا: “هل أنا سعيدة؟”

لم تكن الإجابة واضحة، لكنها عرفت أنها لم تعد تلك المرأة التي أحبّت. تغيرت. تغيّرت أولوياتها، وشعرت أن الحب الذي كانت تراه سندًا، أصبح مصدرًا للاستنزاف.

الحب لا يكفي حين يغيب الاحترام

اكتشفت أن الحب، بمفرده، لا يكفي. يمكن أن تُحب شخصًا لكنه لا يُشعرك بالأمان. يمكن أن تتعلق به، لكنك في حضرته لا تشعر بالاحتواء. وحين تسقط هيبة العلاقة، يصبح الحب عبئًا لا نعمة.

كانت كل خيبة منه تسرق منها بعض الضوء، وكل مرة تُسامح فيها، كانت تبتعد خطوة عن نفسها.


الفصل الرابع: التغير الصامت والانسحاب الهادئ

بداية النهاية: لا إعلان ولا ضجيج

المرأة لا ترحل حين تتأذى فقط، بل حين يفقد الأمل مكانه في قلبها. وهي لم تُعلن الرحيل، لم تُحطم الأبواب وتغادر، بل بدأت تنسحب بهدوء.

أصبحت تستمع إليه دون تفاعل، تضحك أقل، تسأل أقل، وتُفكر أكثر. كانت تُعيد بناء ذاتها بصمت.

كل لحظة صمت منها كانت قرارًا، وكل تجاهل لرد فعله كان إنقاذًا لنفسها.

الانسحاب كفعل حب للنفس

لم ترد أن تُعاقبه بالغياب. فقط أرادت أن تُنقذ ما تبقى منها. أدركت أن الكرامة ليست صراعًا، بل حدًا أدنى لا يجب التفاوض عليه.

عادت إلى هواياتها، إلى تفاصيلها الصغيرة، إلى عالمها الذي كان قد تلاشى تحت ظله.
ولأول مرة، أحبّت نفسها كما كانت تُحبه.


الفصل الخامس: ما بعد الرحيل… والفراغ الذي صنعه بنفسه

حين التفت ليبحث عنها

بعد كل هذا، التفت يبحث عنها. ربما شعر أن هناك شيئًا اختلف. وجد غيابًا لم يُعلَن، وبرودًا لم يكن موجودًا من قبل. لكنها لم تكن هناك.

لم يكن في الأمر انتقام، بل فقط نهاية. النهاية التي كتبها هو بتراكم استهانته، لا هي بقرار مفاجئ.

وجد فراغًا من صنع يديه. لم تكن هناك صراخات وداع، ولا رسائل وداع حزينة. كانت قد غادرت داخليًا قبل أن تُغادر فعليًا.

الخسارة التي لا تُعوّض

حين تُحبك امرأة بصدق وتفقد إيمانها بك، فإنك لا تخسر فقط علاقة، بل تخسر فرصة نادرة لعيش الحب كما يجب أن يكون: عطاء بلا حدود، وصبر لا يُقاس، واحتواء لا يُشترى.

القلب حين يُكسر من كثرة التجاهل، لا يُرمّم بسهولة. قد يبتسم، يُكمِل الحياة، يُحب من جديد، لكنه لا يعود كما كان.


رسالة لكل امرأة تُحِب أكثر مما يجب

لكل امرأة تقرأ هذه الكلمات وهي تُحب أكثر مما يجب، تذكّري: الحب لا يعني أن تُلغِي نفسك، ولا أن تغفري ما يُكسرك، ولا أن تُراوحي مكانك على أمل أن يتغير من لا يرى فيك قيمتك.

الانسحاب ليس ضعفًا، بل احترام لذاتك. والهدوء لا يعني الهروب، بل وعيًا بأنك تستحقين الأفضل.

لا تستهيني بقلبك… لأنه حين ينكسر، لا يعود كما كان.

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى