
كتب / عصام السيد شحاتة
في خطوة تاريخية تعكس الدور البارز لمصر في المشهد الدولي، اعتمدت منظمة اليونسكو (الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة) انتخاب الدكتور خالد العناني مديرًا عامًا لها في نوفمبر 2025. يأتي هذا الإعلان بعد فوز العناني في الانتخابات الدولية التنافسية، حيث حصد أصواتًا واسعة من الدول الأعضاء، ليصبح أول مصري يتولى هذا المنصب الرفيع في تاريخ المنظمة.
الدكتور خالد العناني، الدبلوماسي والمثقف المصري البارز، خلف في منصبه السيدة أودري أزولاي، المديرة العامة السابقة من فرنسا. يأتي تعيينه في وقت حاسم يشهد فيه العالم تحديات كبيرة في مجالات التراث الثقافي، التعليم، والعلوم، خاصة مع التوترات الجيوسياسية والتغير المناخي الذي يهدد التراث الإنساني.
خلفية العناني: رحلة من الثقافة إلى القيادة العالمية
ولد الدكتور العناني في القاهرة عام 1963، وحصل على درجة الدكتوراه في علم الآثار من جامعة القاهرة. بدأ مسيرته المهنية كباحث وأكاديمي، ثم انتقل إلى الدبلوماسية حيث شغل مناصب عديدة في وزارة الخارجية المصرية. من أبرز إنجازاته، توليه منصب وزير السياحة والآثار في مصر بين عامي 2018 و2022، حيث ساهم في إعادة إحياء السياحة بعد أزمات الربيع العربي، وأشرف على مشاريع عملاقة مثل تطوير المتحف المصري الكبير.
قبل ذلك، كان العناني سفيرًا لمصر في ألمانيا والسعودية، مما أكسبه خبرة واسعة في بناء الجسور الدولية. خبرته في التراث الثقافي جعلته مرشحًا مثاليًا لقيادة اليونسكو، التي تضم 194 دولة عضو وتركز على حماية المواقع التراثية العالمية، مثل الأهرامات في مصر التي أدرجتها المنظمة كتراث عالمي.
أهمية الانتخاب لمصر والعالم العربي
يُعد انتخاب العناني إنجازًا مصريًا يعزز مكانة مصر كقائدة للعالم الثالث في المجالات الثقافية والتعليمية. في تصريحاته بعد الإعلان، أكد العناني التزامه بتعزيز دور اليونسكو في مواجهة التحديات العالمية، قائلًا: “سنعمل على حماية التراث الإنساني المشترك، ودعم التعليم الشامل لتحقيق التنمية المستدامة”. هذا المنصب يفتح أبوابًا لتعزيز التعاون بين مصر والدول العربية والإفريقية داخل المنظمة، خاصة في برامج مكافحة الفقر الثقافي والتغير المناخي.
من المتوقع أن يركز العناني على مشاريع مثل تعزيز الذكاء الاصطناعي في التعليم، وحماية التراث الرقمي، بالإضافة إلى دعم الدول النامية في الوصول إلى التكنولوجيا. في سياق إقليمي، قد يساهم في حل نزاعات ثقافية مثل تلك المتعلقة بالآثار في الشرق الأوسط.
التحديات المقبلة والتوقعات
مع تولي العناني المنصب في يناير 2026، تواجه اليونسكو ضغوطًا مالية وجيوسياسية، بما في ذلك انسحاب بعض الدول مثل الولايات المتحدة سابقًا. ومع ذلك، يثق الخبراء في قدرته على تعزيز التمويل من خلال شراكات جديدة، خاصة مع الدول الآسيوية والإفريقية.
هذا الإنجاز ليس مجرد فخر مصري، بل خطوة نحو عالم أكثر عدلاً ثقافيًا. ربما يصبح عصر العناني في اليونسكو نموذجًا للقيادة العربية العالمية.




