
كتب / مصطفي الجزار
فجّر مسئول سابق فى الأمم المتحدة الاقتصادي الأمريكي البارز جيفري ساكس مفاجأة من العيار الثقيل اثناء مداخلة مشاركته في منتدى أنطاليا الدبلوماسي، قال ساكس بالحرف ، الحرب في سوريا لم تندلع بسبب قمع النظام فقط، بل جاءت بأمر صريح ومباشر من الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما، الذي أعطى الضوء الأخضر لتغيير النظام بالقوة العسكرية في 2011 . وأضاف موضحاً أن الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا لا يمكن تفسيرها على الإطلاق بمجرد الاحتجاجات الشعبية أو ردود فعل السلطة، لافتاً إلى أن سقوط أكثر من 600 ألف قتيل، واندلاع حرب طاحنة استمرت لأكثر من عقد، ما كان ليحدث لولا التدخل الدولي المنظّم والممول بسخاء من القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ودعا ساكس الحضور وكل من يرغب في الوقوف على حقيقة ما جرى، إلى البحث في تفاصيل العملية السرية “تيمبر سايكمور”، التي نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، بهدف تسليح وتمويل الجماعات المسلحة لإسقاط النظام السوري.
إن المنطقة كلها، ومنذ معاهدة فرساي قبل أكثر من مئة عام، تخضع لمنطق التلاعب الخارجي، حيث لم تتوقف القوى الغربية عن إعادة هندسة حدود النفوذ، وتوزيع الأدوار، وزرع الأزمات المتتالية لضمان استمرار الهيمنة وتقويض أي مسعى للاستقلال الحقيقي.
ولم يخف ساكس قلقه من استمرار هذا النهج المدمر، محذراً من أن أي حديث عن سلام في المنطقة سيظل وهماً طالما استمرت واشنطن في سياسة التدخل العسكري، وإذكاء الفتن، وتمويل الحروب، وفرض الشروط على الشعوب والدول. وفي هذا السياق، شنّ الاقتصادي الأمريكي هجوماً لاذعاً على فكرة الاعتماد على الولايات المتحدة كوسيط لحل الأزمات الإقليمية، واصفاً إياها بـ”الإمبراطورية التي لا تعمل لصالح الآخرين، بل تفرق بين الشعوب حتى تسيطر على الجميع”. وأضاف: “من يعتقد أن واشنطن ستدافع عن مصالح العرب أو الأتراك أو الفرس، فهو يعيش في وهم كبير”.
ومن الملفات الساخنة التي تناولها ساكس أيضاً، تفاصيل محاولة اتفاق السلام في سوريا، الذي توسط فيه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان عام 2012، مؤكداً أن واشنطن تعمدت إفشال المبادرة بسبب إصرارها على أن يتضمن الاتفاق رحيل بشار الأسد الفوري كشرط مسبق. وأوضح ساكس أن جميع الأطراف الفاعلة، بما فيها روسيا وإيران والمعارضة السورية وبعض الدول الغربية، أبدت استعدادها للقبول بمسار سياسي يتضمن انتخابات انتقالية خلال سنتين أو ثلاث سنوات، إلا أن الإدارة الأمريكية حينها رفضت بشكل قاطع، وأعلنت أن أي اتفاق لن يكون مقبولاً ما لم يرحل الأسد في اليوم الأول. هذا التعنّت، حسب ساكس، دفع عنان إلى الاستقالة، وأدى إلى انهيار مبادرة السلام، وتسبب في سقوط مئات الآلاف من الضحايا الإضافيين.