
شهدت مناطق واسعة من جنوب وشرق آسيا خلال الأسبوع الحالي سلسلة من الكوارث الطبيعية التي خلفت عشرات القتلى وأحدثت أضرارًا كبيرة في البنية التحتية، وتسببت في اضطرابات واسعة في حركة الطيران والمواصلات. وتنوعت الكوارث ما بين عواصف رعدية وصواعق في الهند ونيبال، وزلزال ضرب باكستان، إضافة إلى رياح عاتية اجتاحت الصين، ما استدعى تدخلات طارئة من السلطات في الدول المتضررة.
الهند: عواصف رعدية مميتة تضرب ولاية بهار
في الهند، أعلنت هيئة إدارة الكوارث في ولاية بهار، شرقي البلاد، يوم السبت، أن ما لا يقل عن 61 شخصًا لقوا حتفهم نتيجة عواصف رعدية وصواعق ضربت الولاية على مدار يومي الخميس والجمعة. وتوزعت الوفيات في عدة مناطق داخل الولاية، حيث أدت شدة الصواعق إلى مقتل العشرات، معظمهم من سكان المناطق الريفية الذين كانوا يعملون في الحقول أو في الهواء الطلق لحظة العاصفة.
وفي ظل استمرار عدم الاستقرار الجوي، توقعت هيئة الأرصاد الجوية الهندية هطول أمطار غزيرة على الولاية خلال اليوم، مما يزيد من احتمالات وقوع فيضانات وانزلاقات أرضية، ويُصعّب من جهود فرق الإنقاذ والإغاثة.
وتُعد ولاية بهار من أكثر الولايات الهندية عرضة للكوارث الجوية، حيث تسجل سنويًا أعدادًا مرتفعة من الضحايا بسبب العواصف الموسمية والصواعق الكهربائية.
نيبال: الصواعق تحصد أرواح ثمانية مواطنين
وفي نيبال المجاورة، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤولين في إدارة الكوارث تأكيدهم مقتل 8 أشخاص نتيجة صواعق قوية ضربت البلاد يومي الأربعاء والخميس. وتسببت الصواعق في حالة من الذعر، خاصة في المناطق الجبلية، حيث يصعب الوصول إلى الضحايا أو تقديم الإسعافات الأولية للمصابين بسبب وعورة التضاريس.
وأوضحت السلطات المحلية أن معظم الضحايا كانوا يعملون في الأراضي الزراعية أو يقيمون في منازل غير مجهزة لمقاومة الصواعق، مشيرة إلى أن تغيّر نمط الطقس في السنوات الأخيرة زاد من تكرار هذه الحوادث.
تحذيرات من تغير المناخ وزيادة معدلات الصواعق
وكان خبراء في الأرصاد الجوية والمناخ قد حذروا، في تقارير سابقة، من ارتفاع مقلق في عدد الصواعق القاتلة في الهند ودول جنوب آسيا، مرجعين ذلك إلى تأثيرات التغير المناخي. ووفقًا لدراسة أجراها فريق بحثي من جامعة فاكير موهان في ولاية أوديشا الهندية، فإن الصواعق تسببت في مقتل أكثر من 101 ألف شخص بين عامي 1967 و2020، مع ملاحظة ارتفاع حاد في معدل الوفيات خلال العقد الأخير (2010 – 2020).
وتشير بيانات الدراسة إلى أن زيادة درجات الحرارة وارتفاع معدلات الرطوبة أسهما في زيادة كثافة العواصف الرعدية والصواعق، خصوصًا في الولايات الشرقية من الهند.
باكستان: زلزال يضرب شمال البلاد دون وقوع ضحايا
أما في باكستان، فقد أعلنت الهيئة الوطنية للطوارئ صباح السبت أن سكان المناطق الشمالية من البلاد شعروا بهزة أرضية بلغت قوتها 5.5 درجات على مقياس ريختر. وأوضحت الهيئة في بيان رسمي أن مركز الزلزال كان على عمق 12 كيلومترًا، في منطقة تبعد نحو 60 كيلومترًا عن العاصمة إسلام آباد.
ورغم الشعور القوي بالهزة في العاصمة والمناطق المحيطة بها، أكدت السلطات أنه لم ترد أي تقارير عن وقوع خسائر بشرية أو أضرار مادية جسيمة حتى الآن، فيما تواصل فرق الرصد الجيولوجي متابعة الوضع لرصد أي ارتدادات محتملة.
الصين: رياح عاتية تشل الحركة الجوية وتتسبب بأضرار مادية
وفي الصين، ضربت رياح شديدة القوة مناطق شمالي وشرقي البلاد منذ مساء الجمعة، حيث وصلت سرعة الرياح في بعض المناطق إلى 150 كيلومترًا في الساعة، وفقًا لما أعلنته هيئة الأرصاد الجوية الصينية. وتسببت هذه الرياح في أضرار واسعة، أجبرت السلطات على اتخاذ إجراءات طارئة لحماية السكان والمرافق الحيوية.
وأعلنت إدارة مطار العاصمة الدولي في بكين عن إلغاء 413 رحلة جوية صباح السبت، بسبب سوء الأحوال الجوية، مما أدى إلى ازدحام شديد في قاعات المغادرة وتأجيل خطط السفر لمئات الركاب. كما تم تعليق عدد من رحلات القطارات وإغلاق معالم سياحية شهيرة حرصًا على سلامة الزوار.
وأظهرت صور بثها التلفزيون الرسمي الصيني (CCTV) اقتلاع نحو 300 شجرة في العاصمة بكين، وتضرر 19 سيارة على الأقل، إضافة إلى تطاير ألواح معدنية وسقوطها في الشوارع. ورغم هذه الأضرار، لم تسجل السلطات حتى الآن أية إصابات بشرية في بكين.
وقد أصدرت السلطات تحذيرًا برتقاليًا، وهو ثاني أعلى مستوى من التحذير في نظام التنبيهات الصيني، محذرة من أن الرياح العاتية قد تستمر حتى نهاية عطلة نهاية الأسبوع. كما أشارت الأرصاد إلى أن هذا النوع من الرياح هو الأشد من نوعه منذ أكثر من عقد، ويتوقع أن يتسبب في انخفاض حاد في درجات الحرارة.
أسبوع مأساوي يسلط الضوء على هشاشة المنطقة أمام الكوارث الطبيعية
يعكس هذا الأسبوع الدامي مدى هشاشة دول جنوب وشرق آسيا أمام الكوارث الطبيعية المتزايدة في ظل التغيرات المناخية. وبينما تتعدد أسباب هذه الكوارث، يبقى القاسم المشترك بينها هو ازدياد حدتها وعدد ضحاياها، ما يستدعي جهودًا مكثفة من الحكومات والمنظمات الدولية لتعزيز البنية التحتية للوقاية والتأهب، وتثقيف السكان حول سبل الحماية من الكوارث المفاجئة.
كما تدعو هذه الحوادث إلى وقفة تأمل حقيقية في تأثيرات تغير المناخ على الحياة اليومية للبشر، وضرورة اتخاذ خطوات جماعية وسريعة لمواجهته، قبل أن تتحول مثل هذه الكوارث إلى واقع دائم يهدد حياة الملايين.