المصري الوطنيتقارير مصرية

عمارة العفاريت في رمسيس: بين الأسطورة والواقع

كتب : مصطفى جزار

تعد “عمارة العفاريت” واحدة من أكثر الأبنية المثيرة للجدل في القاهرة، حيث تحيط بها الشائعات والأساطير التي جعلتها مصدرًا للرعب والدهشة على مدار السنوات. برزت هذه العمارة إلى السطح أثناء ثورة 25 يناير 2011، عندما بدأت تنتشر قصص حول وجود قوى غير طبيعية تسكن داخلها، وهو ما أدى إلى إثارة فضول العامة والصحافة.

ورغم موقعها الاستراتيجي، حيث تتوسط شارع رمسيس وشارع الجمهورية، بالقرب من محطة مترو أحمد عرابي، وتحيط بها العديد من المصالح الحكومية ومقرات الجرائد القومية، إلا أن هذه العمارة ظلت مهجورة لسنوات طويلة، مما زاد من غموضها.

الأساطير والشائعات

منذ عقود، ظلت الحكايات تتناقل بين سكان المنطقة حول أصوات غامضة تصدر ليلاً، وأشخاص رأوا أشباحًا تتحرك داخلها. بلغ الأمر ذروته عندما قيل إن بائع فول متجول فرّ هاربًا بعد أن تطاير غطاء قدر الفول الخاص به بشكل مفاجئ، ما زاد من تأكيد البعض بوجود قوى خفية تسكن العمارة.

يقول محمد، أحد العاملين في منطقة رمسيس، إن هذه الشائعات تعود في الأساس إلى المظهر المهجور للعمارة، حيث أن شبابيكها المكسورة والمغلقة بالأتربة تجعلها تبدو مكانًا مخيفًا. كما أشار إلى أن سلالم العمارة مغلقة من الداخل بسبب بناء حائط في الطابق الثاني، وهو ما منع الناس من دخولها.

محاولات التفسير العلمي

على الرغم من انتشار الشائعات حول هذه العمارة، إلا أن الخبراء وعلماء النفس يحاولون تقديم تفسيرات منطقية لما يحدث فيها. يوضح بعض المختصين أن البناء المهجور والمغلق لسنوات يؤدي إلى تشكل بيئة مناسبة لحدوث ظواهر تبدو خارقة للطبيعة، مثل تسرب الهواء عبر النوافذ المهجورة مما يصدر أصواتًا مخيفة.

كما يفسر البعض حادثة تطاير غطاء قدر الفول كنتيجة لضغط البخار الداخلي وليس بسبب قوى خارقة. هذه التفسيرات العلمية لا تجد دائمًا قبولًا لدى الجمهور، خاصة في ظل ميل بعض الناس إلى تصديق القصص الغامضة والمخيفة.

أصحاب المحلات المجاورة

على الرغم من كل الشائعات، فإن الواقع يشير إلى أن أصحاب المحلات التجارية الموجودة أسفل العمارة يمارسون نشاطهم التجاري بشكل طبيعي دون أن يعانوا من أي ظواهر غير مألوفة. يؤكد أحد التجار أنه منذ سنوات وهو يعمل في المنطقة ولم يرَ أي شيء غير طبيعي، كما أن المارة يترددون على المحلات يوميًا دون أي مشاكل.

الإعلام ودوره في تأجيج الشائعات

تلعب الصحافة ووسائل الإعلام دورًا كبيرًا في تضخيم مثل هذه القضايا، حيث يسعى بعض الصحفيين إلى جذب الانتباه من خلال نشر قصص غامضة وغير مؤكدة. في حالة “عمارة العفاريت”، ساهمت الصحافة في انتشار الشائعات، مما دفع بعض الأشخاص إلى الذهاب لاستكشاف المكان أو تصوير مقاطع فيديو تحاول توثيق الظواهر الغريبة.

الموقف الرسمي

لم يصدر أي تصريح رسمي حول هذه العمارة من الجهات المعنية، ولكن يُعتقد أن السلطات قد تتدخل في المستقبل لاتخاذ قرارات بشأن هدمها أو ترميمها وإعادة استغلالها، خاصة أنها تقع في موقع حيوي بالقاهرة. ومن المتوقع أن يخفف أي قرار رسمي من انتشار الأساطير المحيطة بها.

 

تبقى “عمارة العفاريت” مثالًا حيًا على كيفية تداخل الواقع مع الخيال، حيث تخلق الشائعات والأساطير حالة من الرعب والإثارة حول أماكن مهجورة. وبينما يسعى البعض لتفسير الأحداث بمنطق علمي، يفضل آخرون الإيمان بالقصص الغامضة. وفي النهاية، ستظل هذه العمارة رمزًا للأساطير الحضرية التي تجذب اهتمام الناس لعقود قادمة.

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى