
كتب / مصطفي الجزار
فى نهاية اليوم الأخير لمعرض القاهرة الدولى للكتاب بدورتة ٥٦ أقيمت اخر الندوات وتمحورت حول العلاقات المصرية التركية بمناسبة مرور ١٠٠ عام على إقامتها .
وحضر الندوة السفير التركى بالقاهرة والسفير عمرو الحديدى يدسفير مصر السابق بتركيا .
تعد العلاقات المصرية التركية من القضايا التي تحظى باهتمام واسع في الأوساط السياسية والثقافية، نظرًا للروابط التاريخية العميقة التي تجمع البلدين، فضلًا عن تداخل المصالح الاقتصادية والاستراتيجية بينهما. وقد ناقشت إحدى الندوات الأخيرة في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته السادسة والخمسين هذه العلاقة من جوانبها المختلفة، حيث اجتمع مفكرون وباحثون لتحليل التطورات الأخيرة وأفق التعاون المستقبلي.
الجذور التاريخية للعلاقات المصرية التركية
تعود العلاقات بين مصر وتركيا إلى قرون عديدة، حيث كانت الأراضي المصرية جزءًا من الدولة العثمانية لعدة قرون، ما أدى إلى ترابط ثقافي واجتماعي بين الشعبين. بعد سقوط الدولة العثمانية وقيام الجمهورية التركية الحديثة، ظلت العلاقات بين البلدين قائمة ولكنها مرت بفترات مد وجزر حسب الظروف السياسية السائدة.
في العصر الحديث، اتسمت العلاقات المصرية التركية بالتعاون في العديد من المجالات، ولكنها شهدت أيضًا فترات توتر نتيجة لاختلافات سياسية واستراتيجية، خاصة في العقد الأخير. ومع ذلك، فإن المصالح المشتركة بين البلدين لا تزال تفرض نفسها على المشهد، وهو ما كان موضوعًا للنقاش في الندوة التي عُقدت في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
محاور الندوة وأبرز النقاط المطروحة
تناولت الندوة عدة محاور رئيسية، منها:
- التطورات السياسية بين البلدين: استعرض الخبراء العلاقات السياسية بين مصر وتركيا، موضحين تأثير التغيرات الإقليمية والدولية على هذه العلاقة. كما تم التطرق إلى محاولات التقارب الأخيرة بين الجانبين.
- التعاون الاقتصادي والتجاري: ناقش المشاركون أهمية التبادل التجاري بين مصر وتركيا، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية. وتم التأكيد على الفرص المتاحة لتعزيز التعاون المشترك في مجالات الصناعة والاستثمار.
- التأثيرات الثقافية والتاريخية: تطرقت الندوة إلى الإرث الثقافي المشترك بين البلدين، وكيف يمكن لهذا العامل أن يلعب دورًا في تقريب وجهات النظر.
- التحديات والفرص: تم تحليل التحديات التي تواجه العلاقة المصرية التركية، ومنها القضايا الجيوسياسية والتدخلات الإقليمية، بالإضافة إلى الفرص التي يمكن استغلالها لتحقيق مكاسب مشتركة لكلا البلدين.
التحولات الأخيرة في العلاقات المصرية التركية
خلال السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين مصر وتركيا توترات حادة، خاصة بعد التغيرات السياسية التي طرأت على مصر عام 2013. وقد انعكس ذلك على مستوى التعاون الدبلوماسي والتجاري، حيث تقلصت مجالات التعاون المشترك إلى حد كبير. ومع ذلك، بدأت بوادر تحسن في العلاقة خلال العامين الأخيرين، حيث جرت عدة لقاءات بين المسؤولين من كلا الجانبين، وأبدت الدولتان رغبة في إعادة بناء العلاقات على أسس جديدة.
المجالات الاقتصادية المشتركة
يُعد المجال الاقتصادي من أبرز العوامل المؤثرة في تحسين العلاقات الثنائية. فتركيا تُعد شريكًا تجاريًا مهمًا لمصر، حيث تستورد وتصدر العديد من السلع الأساسية، مثل المنسوجات، والمنتجات الزراعية، والآلات الصناعية. كما أن الاستثمارات التركية في مصر تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التعاون الاقتصادي، وهو ما أكده المشاركون في الندوة، حيث شددوا على ضرورة استغلال هذه القاعدة الاقتصادية لبناء علاقات أكثر استقرارًا.
التعاون الثقافي والتعليم
يمثل التعاون الثقافي والتعليم أحد أهم الركائز التي يمكن أن تُسهم في تقريب وجهات النظر بين البلدين. فقد أشار المتحدثون في الندوة إلى الدور الذي تلعبه المؤسسات الثقافية والتعليمية في تعزيز الفهم المتبادل بين الشعبين. كما تم التطرق إلى أهمية استغلال الأنشطة الثقافية مثل معارض الكتاب والمهرجانات السينمائية لتعزيز العلاقات الثقافية بين البلدين.
آفاق العلاقات المستقبلية
أجمعت الآراء خلال الندوة على أن العلاقات المصرية التركية تمر بمرحلة تحول، حيث توجد مؤشرات على رغبة كلا البلدين في تجاوز الخلافات والتوجه نحو بناء علاقة قائمة على المصالح المشتركة. وقد أكد المحاضرون أن تحقيق ذلك يتطلب خطوات جادة من كلا الجانبين، من بينها تعزيز الحوار السياسي، ودعم التعاون الاقتصادي، وتقوية الروابط الثقافية بين الشعبين.
ختام الندوة وتوصياتها
في ختام الندوة، خرج المشاركون بعدة توصيات من شأنها أن تُسهم في تحسين العلاقات بين البلدين، من أبرزها:
- تعزيز قنوات الحوار السياسي بين المسؤولين من الجانبين لمناقشة القضايا العالقة.
- العمل على تطوير العلاقات الاقتصادية بما يخدم مصالح البلدين، مع التركيز على الاستثمارات المشتركة.
- توسيع التعاون الثقافي والتعليمي لخلق أرضية مشتركة للتفاهم والتقارب بين الشعبين.
- التركيز على المصالح المشتركة بدلًا من الخلافات السياسية لضمان استقرار العلاقات على المدى الطويل.
بهذا تكون الندوة التي عُقدت في معرض القاهرة الدولي للكتاب قد سلطت الضوء على أحد أهم الملفات في المنطقة، مؤكدة أن مستقبل العلاقات المصرية التركية يعتمد على الإرادة السياسية والرغبة في تحقيق الاستقرار والتنمية المشتركة. وإذا تم استثمار هذه الفرص بشكل صحيح، فقد نشهد في السنوات القادمة مرحلة جديدة من التعاون المثمر بين البلدين.