
في خطوة استراتيجية تهدف لسد العجز المزمن في كوادر العملية التعليمية، وتعزيز جودة تعليم اللغة الإنجليزية بالمدارس المصرية، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، اليوم، نتيجة مسابقة شغل 20 ألف وظيفة معلم مساعد (لغة إنجليزية)، عبر بوابة الوظائف الحكومية، في خطوة وُصفت بأنها تمثل نقلة نوعية في آليات التوظيف التعليمي.
وشهد مقر وزارة التربية والتعليم اليوم لقاءً رسميًا جمع بين وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، الدكتور محمد عبداللطيف، ورئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، المهندس حاتم نبيل، استعرض خلاله الطرفان أوجه التعاون المستمرة بين المؤسستين في سبيل الارتقاء بمنظومة التعليم وتوفير الكفاءات البشرية اللازمة لتنفيذ خطط التطوير.
تطوير التعليم يبدأ بالمعلم
وأكد الدكتور محمد عبداللطيف أن إعلان نتائج المسابقة يأتي في إطار خطة الوزارة الشاملة للنهوض بجودة التعليم، خاصة في المواد الأساسية، وعلى رأسها اللغة الإنجليزية، باعتبارها أداة رئيسية للانفتاح المعرفي والعلمي.
وأضاف الوزير: “هذه المسابقة تمثل خطوة مهمة في اتجاه تدعيم المدارس المصرية بمعلمين مؤهلين يمتلكون الكفاءة التربوية واللغوية، بما يسهم في الارتقاء بالمستوى العام للطلبة، وتطوير أساليب التدريس داخل الفصول.”
كما ثمّن الوزير الجهود المبذولة من قبل الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، مشيدًا بقدرة الجهاز على إدارة وتنفيذ منظومة المسابقات المركزية وفق أعلى معايير الكفاءة والنزاهة، مضيفًا أن تلك المنظومة ضمنت أن يُمنح كل متقدم فرصًا متكافئة على أساس الجدارة والشفافية.
آلية جديدة تفتح أبواب العدالة الوظيفية
من جانبه، كشف المهندس حاتم نبيل، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، عن آلية جديدة تم اعتمادها خلال إعلان نتائج المسابقة، تهدف إلى تحقيق أقصى درجات العدالة في توزيع فرص التوظيف.
وأوضح نبيل أن هذه الآلية تسمح للمتقدمين الذين اجتازوا الامتحان الإلكتروني بنجاح، لكن لم يتم ترشيحهم بسبب تجاوز ترتيبهم للعدد المطلوب في محافظاتهم، بإمكانية التأهل لشغل وظائف في محافظات أخرى لم تستوفِ نصابها من المعلمين الناجحين.
وأضاف: “أتاح الجهاز لهؤلاء المتقدمين حرية اختيار المحافظات التي يرغبون في العمل بها، وترتيب تفضيلاتهم عبر موقع بوابة الوظائف الحكومية، ما يضمن مرونة أكبر وعدالة أكثر في توزيع الكفاءات، كما يُسهم في سد العجز بالمناطق التي لم تستوفِ حاجتها من المعلمين المؤهلين.”
التظلمات وترتيب الرغبات
ووفقًا للمعلومات الرسمية، فقد تم إعلان النتيجة رسميًا اليوم، 12 يونيو، عبر موقع بوابة الوظائف الحكومية، على أن يتم فتح باب التظلمات لمن يرغب من المتقدمين في الفترة من 13 يونيو وحتى 26 يونيو، مع فتح باب ترتيب الرغبات للمؤهلين للمرحلة التالية في نفس اليوم، ويستمر حتى 27 يوليو المقبل.
وتابع نبيل موضحًا أن المفاضلة في حال تساوي الدرجات بين عدد من المتقدمين ستُجرى وفقًا لنص المادة الرابعة من اللائحة التنفيذية للباب السابع من قانون التعليم، والتي تم تعديلها بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 165 لسنة 2025.
وتنص المادة على ترتيب المفاضلة كالتالي:
-
الأعلى في مرتبة الحصول على المؤهل.
-
الأعلى درجة في ذات المرتبة.
-
الحاصل على مؤهل أعلى.
-
الأقدم تخرجًا.
-
الأكبر سنًا.
نقلة نوعية في منظومة التوظيف التعليمي
وفي تعليق له على أهمية هذه الخطوة، قال المهندس حاتم نبيل: “الآلية الجديدة التي ننفذها تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الكوادر الناجحة، وتوفير فرص حقيقية للمتأهلين، وهو ما يتماشى مع مبادئ الشفافية والعدالة وتكافؤ الفرص، التي يحرص الجهاز على ترسيخها في جميع مسابقات التوظيف بالجهاز الإداري للدولة.”
كما أشار إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار دعم توجهات الدولة المصرية نحو تطوير منظومة التعليم ضمن رؤية مصر 2030، التي تضع بناء الإنسان المصري في قلب أولوياتها، وتعتبر التعليم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة.
أزمة معلمي اللغة الإنجليزية: جذور مزمنة وحلول جذرية
جدير بالذكر أن أزمة نقص معلمي اللغة الإنجليزية طالما شكلت تحديًا كبيرًا أمام وزارة التربية والتعليم، خاصة في المحافظات الحدودية والنائية. وتشير دراسات سابقة إلى أن ضعف التأهيل التربوي واللغوي، إلى جانب العزوف عن العمل في المناطق الريفية، ساهم في تفاقم العجز، ما انعكس سلبًا على جودة تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس الحكومية.
ومن هنا، تمثل المسابقة الحالية، والتي تم الإعداد لها بدقة عبر آليات إلكترونية، أملًا كبيرًا في تجاوز تلك التحديات، وتحقيق توزيع عادل للكوادر المؤهلة بما يضمن تحسين مخرجات العملية التعليمية.
نحو تعليم أكثر عدالة وشمولًا
في ختام اللقاء، شدد الوزير محمد عبداللطيف على أن الوزارة لن تدخر جهدًا في سبيل إصلاح التعليم، وأن الاهتمام بالمعلم سيكون في مقدمة أولوياتها خلال الفترة المقبلة، باعتباره المحرك الحقيقي لأي تحول تعليمي مستدام.
وقال: “نعمل مع شركائنا بجهد يومي لإحداث نقلة نوعية في التعليم المصري، وملتزمون باختيار أفضل العناصر وتأهيلها وتوزيعها بعدالة، بما يليق بتطلعات الدولة المصرية لبناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.”
وفي ظل تلك الإجراءات والسياسات الجديدة، يبدو أن وزارة التربية والتعليم، بالتعاون مع الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، تسير بخطى ثابتة نحو إرساء قواعد جديدة في منظومة التوظيف، تجعل من الكفاءة والعدالة مبدأ لا استثناء فيه.