ثقافةفنكتاب و أراء

فايزة أحمد وفتحي قورة: رحلة إبداعية خارج الصورة

كتبت / دينا زكريا

في تاريخ الأغنية العربية، لمع العديد من الأسماء التي ساهمت في تشكيل وجدان المستمع العربي، سواء من المطربين أو الشعراء أو الملحنين. ومن بين هذه الأسماء، نجد الشاعر الغنائي فتحي قورة والمطربة فايزة أحمد، اللذين قدما أعمالًا خالدة حفرت مكانها في ذاكرة الزمن. ورغم أن الضوء غالبًا ما يسلط على المطرب، فإن للكلمة دورًا لا يقل أهمية، فهي التي تمنح الأغنية عمقها ومعناها.

هاري يوسف

يعد فتحي قورة من أبرز شعراء الأغنية المصرية في القرن العشرين، حيث استطاع بكلماته البسيطة والمعبرة أن يصل إلى قلوب الملايين، متعاونًا مع نخبة من كبار الملحنين والمطربين. أما فايزة أحمد، فقد كانت واحدة من أعذب الأصوات التي عرفتها الساحة الفنية، حيث تميزت بإحساسها العالي وأدائها الفريد الذي جعلها تنافس كبار عصرها مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ.

1f5d1633596837abf523ae1bf1fd183c 127 102210 fayza ahmedr husband bargained 2

في هذا المقال، نسلط الضوء على العلاقة الإبداعية بين فايزة أحمد وفتحي قورة، ونستكشف ملامح تأثيرهما في الأغنية العربية، متخذين من كتاب “خارج الصورة” لهاري يوسف مرجعًا استلهاميًا لفهم الجوانب الخفية لهذه العلاقة الفنية.

1049494 0

أولًا: فتحي قورة – شاعر البساطة والروح المصرية
ولد فتحي قورة في أوائل القرن العشرين، ونشأ في بيئة مشبعة بالفنون والموسيقى، ما جعله ينغمس في عالم الأغنية منذ صغره. كانت كلماته تتميز بالبساطة التي تخفي وراءها عمقًا معنويًا كبيرًا، وهو ما جعله أحد أكثر الشعراء تأثيرًا في الأغنية المصرية.

فتحي قورة

قدم قورة أغنيات عبرت عن مختلف المشاعر الإنسانية، من الحب والاشتياق إلى الفرح والحزن، فاستطاع أن يخلق تناغمًا بين الكلمات واللحن، ليصل إلى الجمهور بسهولة. ومن أشهر الأغنيات التي كتبها، تلك التي تعاون فيها مع نجوم الغناء في ذلك العصر، والتي ما زالت تتردد حتى اليوم.

OIP 7 1

ثانيًا: فايزة أحمد – الصوت الذهبي
ولدت فايزة أحمد في سوريا، لكنها انتقلت إلى مصر حيث بدأت مسيرتها الفنية الحقيقية. تميزت بصوتها الدافئ وقدرتها الفريدة على نقل المشاعر من خلال الأداء. تعاونت مع كبار الملحنين مثل محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، وحققت شهرة واسعة بفضل أغنياتها التي باتت جزءًا من التراث العربي.

OIP 1 10

كانت فايزة تمتلك شخصية فنية متفردة، فلم تكن مجرد مطربة جميلة الصوت، بل كانت فنانة تعيش الأغنية بكل جوارحها، ما جعلها تحظى بمكانة خاصة في قلوب المستمعين.

ثالثًا: التعاون الفني بين فتحي قورة وفايزة أحمد
لم يكن التعاون بين فايزة أحمد وفتحي قورة مجرد تعاون عابر، بل شكل جزءًا من مسيرة كل منهما. فقد استطاع فتحي قورة أن يمنح فايزة أحمد كلمات تلائم إحساسها وصوتها، بينما كانت فايزة تجسد هذه الكلمات بأدائها المتميز.

من أشهر الأغنيات التي جمعت بينهما، تلك التي عبرت عن مشاعر الحب والشوق والانتظار، حيث استطاع قورة بأسلوبه السهل الممتنع أن يضع كلمات تخاطب وجدان المستمع العربي، بينما أضفت فايزة بصوتها روحًا وحياة على هذه الكلمات.

OIP 2 4

رابعًا: لماذا بقيت أعمالهما خالدة؟
هناك عدة أسباب جعلت أعمال فتحي قورة وفايزة أحمد تستمر عبر الزمن، منها:

  1. البساطة والعمق: كانت كلمات فتحي قورة سهلة الفهم لكنها تحمل معاني عميقة، ما جعلها قريبة من قلوب الناس.
  2. الأداء المتميز: امتلكت فايزة أحمد قدرة استثنائية على التعبير عن معاني الكلمات، ما جعل الأغنيات التي أدتها تلامس الإحساس الإنساني بصدق.
  3. التعاون مع عمالقة التلحين: لم يكن نجاحهما وليد الصدفة، بل كان نتيجة تعاون مع كبار الملحنين الذين استطاعوا تقديم ألحان تليق بهذه الكلمات وهذا الصوت.
  4. الصدق الفني: لم يكن هدفهما مجرد تحقيق النجاح التجاري، بل كانا يسعيان إلى تقديم فن حقيقي يبقى أثره طويلًا.

خامسًا: تأثيرهما على الأجيال اللاحقة
لا يمكن إنكار أن فتحي قورة وفايزة أحمد شكلا نموذجًا فريدًا في الأغنية العربية، وهو ما انعكس على الأجيال اللاحقة من المطربين والشعراء. فقد ألهمت أغنياتهما العديد من الفنانين الذين حاولوا تقديم أعمال تحمل نفس الروح الصادقة.

ورغم التطور الكبير الذي شهدته الأغنية العربية في العقود الأخيرة، إلا أن أعمالهما لا تزال تجد مكانًا في قلوب المستمعين، وتُعاد بأصوات جديدة، ما يدل على أن الفن الأصيل لا يموت.

OIP 3 1


في عالم الفن، هناك أسماء قد تظل في دائرة الضوء، وأخرى تبقى “خارج الصورة”، لكنها تظل مؤثرة رغم ذلك. فتحي قورة وفايزة أحمد كانا جزءًا من هذه المعادلة، حيث شكلت أعمالهما جزءًا مهمًا من الوجدان العربي.

OIP 15

وبينما يستمر الحديث عن الفنانين الكبار الذين لمعوا في سماء الغناء العربي، لا بد أن نتذكر دور هؤلاء الذين ساهموا في بناء هذا الإرث الفني، سواء بالكلمة أو بالصوت. فالتاريخ لا ينسى من تركوا بصماتهم بصدق وإبداع، مهما مر الزمن.

 

 

4o

Dina Z. Isaac

كاتبة محتوى متخصصة في إعداد المقالات الإخبارية والتحليلية لمواقع إلكترونية ومدونات متعددة. أمتلك خبرة تتجاوز أربع سنوات في مجال الكتابة والتدوين، حيث أحرص على تقديم محتوى مميز يجمع بين الإبداع والدقة، مع التركيز على جذب القارئ وتقديم المعلومات بشكل سلس وواضح. المهارات والخبرات: كتابة المقالات الإخبارية: إعداد تقارير وتحليلات شاملة تغطي أحدث الأخبار المحلية والعالمية. التدوين: كتابة مقالات متنوعة تغطي مجالات مثل التكنولوجيا، الصحة، التنمية الشخصية، وريادة الأعمال. تحسين محركات البحث (SEO): صياغة محتوى متوافق مع معايير السيو لتحسين ظهور المقالات في نتائج البحث. إدارة المحتوى: التخطيط للنشر، وإعداد جداول تحريرية، وتنظيم الحملات الرقمية. التدقيق اللغوي: ضمان خلو النصوص من الأخطاء اللغوية والنحوية لتقديم محتوى عالي الجودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى