
عادت خدمة ChatGPT، التي تقدمها شركة OpenAI، للعمل بشكل منتظم صباح اليوم الأربعاء، وذلك بعد انقطاع مفاجئ في الخدمة وقع يوم الثلاثاء، أثار استياء المستخدمين وأحدث حالة من الجدل على المنصات الرقمية، لا سيما مع تزايد الاعتماد اليومي على هذا التطبيق الذكي في شتى مجالات العمل والتعليم والإبداع.
فقد رصدت تقارير تقنية، وعلى رأسها ما نشره موقع “ZDNET”، أن مستخدمي ChatGPT أبلغوا عن خلل واسع النطاق حال دون تمكنهم من استخدام المنصة، حيث تلقوا رسائل خطأ متنوعة أبرزها: “حدث خطأ في الشبكة، يُرجى التحقق من اتصالك والمحاولة مرة أخرى، وإذا استمرت هذه المشكلة، يُرجى التواصل معنا عبر مركز المساعدة”. كما أفاد آخرون أنهم تلقوا رسالة تقول: “خطأ في تدفق الرسائل”، ما يشير إلى مشكلة تتعلق بالبنية التحتية للاتصال بين المستخدم والخوادم الرئيسية للتطبيق.
العطل التقني: خلل مفاجئ وأثر واسع
وفقًا لما نشرته منصة مراقبة الأعطال التقنية “Downdetector”، فقد تجاوز عدد البلاغات التي وُثقت بشأن تعطل الخدمة 1350 بلاغًا خلال ساعات المساء من يوم الثلاثاء فقط. وتنوعت طبيعة الأعطال التي أبلغ عنها المستخدمون بين عدم تحميل الردود، أو انقطاع في جلسة المحادثة، أو عدم قدرة التطبيق على معالجة الطلبات.
شركة OpenAI، من جانبها، لم تتأخر في الاستجابة، حيث سارعت بإصدار بيان تقني عبر صفحة “حالة الخدمة”، أكدت فيه رصدها لمشكلة تتعلق بارتفاع معدلات الأخطاء وزيادة زمن الاستجابة، وهو ما تسبب في بطء الخدمة أو تعطلها جزئيًا لبعض المستخدمين. وقد أشارت إلى أن فرقها التقنية باشرت التحقيق فورًا في الخلل، وتعمل على إيجاد حلول دائمة لضمان استقرار الخدمة.
الاستجابة السريعة وإعادة الخدمة
بحلول صباح اليوم الأربعاء، عادت الخدمة للعمل بشكل طبيعي وفقًا لما أفاد به مستخدمون عبر مختلف المناطق الجغرافية، ولم تُسجّل حتى الآن أي أعطال أو مشكلات جديدة. وقد لاحظ المستخدمون استعادة التطبيق لأدائه المعتاد، بما في ذلك قدرة الذكاء الاصطناعي على توليد النصوص، وتقديم الاستشارات البرمجية والتعليمية، والإجابة على الأسئلة بمختلف اللغات والأنماط.
هذه الاستجابة السريعة تعكس مدى التزام OpenAI بالحفاظ على موثوقية خدمتها الأساسية، لا سيما في ظل تزايد الاعتماد على ChatGPT في قطاع الأعمال، والإعلام، والتعليم، وحتى في المهام الشخصية واليومية.
ChatGPT: انتشار عالمي ونمو متصاعد
وتجدر الإشارة إلى أن هذا العطل يأتي في وقت تشهد فيه المنصة توسعًا غير مسبوق. فقد أعلنت OpenAI في فبراير 2025 أن عدد المستخدمين النشطين أسبوعيًا تجاوز 400 مليون مستخدم حول العالم، بالإضافة إلى أكثر من 10 ملايين مشترك مدفوع في خدمة “ChatGPT Plus”، ما يعكس النمو الهائل في الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التفاعلي.
هذا الانتشار الواسع يحمل في طياته تحديات تقنية كبيرة، إذ باتت المنصة مطالبة بالحفاظ على استقرار الخدمة في مواجهة الضغط الهائل على الخوادم، خاصة مع إطلاق مزايا متقدمة مثل دعم الصور والفيديو وتحليل البيانات، والتي تستنزف قدرات الحوسبة بشكل أكبر.
دروس من الانقطاع: بين الشفافية والاستعداد
رغم محدودية فترة التوقف، فإن العطل المفاجئ يسلط الضوء على الحاجة إلى بنية تحتية أكثر قوة، خاصة في ظل المنافسة المتصاعدة بين شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى مثل Google وAnthropic وMeta. لكن يُحسب لـ OpenAI سرعة استجابتها وشفافيتها في التعامل مع الموقف، وهو ما ينعكس في مستوى الثقة الذي لا يزال المستخدمون يضعونه في الخدمة.
وقد طالب عدد من المستخدمين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتحسين أدوات التنبيه المسبق في حال حدوث أعطال مستقبلية، فضلًا عن ضرورة توفير آلية أكثر مرونة للتعامل مع الأخطاء التقنية من داخل التطبيق نفسه، بدلًا من الاعتماد الكلي على صفحات خارجية أو مراكز دعم منفصلة.
تكنولوجيا لا تخلو من الهشاشة
رغم التقدم المذهل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن مثل هذه الحوادث تذكرنا بأن التكنولوجيا، مهما بلغت من تطور، لا تزال عرضة للهشاشة والانقطاع. ومن هنا، يبقى التحدي الحقيقي في بناء أنظمة أكثر مرونة واستدامة، قادرة على التكيّف مع الطلب المتصاعد، وضمان استمرارية الخدمة للملايين من المستخدمين الذين باتوا يرون في الذكاء الاصطناعي شريكًا يوميًا لا غنى عنه.
ومع تجاوز العطل الأخير، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن OpenAI من تجنب تكرار مثل هذه المشكلات مستقبلًا؟ أم أن وتيرة الابتكار ستظل تفوق قدرة البنية التحتية على مواكبتها؟