دينا زكريا
في خطوة يُنتظر أن تُحدث تحولًا كبيرًا في قطاع الخدمات اللوجستية الحضرية، أعلنت منصة Veho الأمريكية المتخصصة في توصيل الطرود عن شراكة استراتيجية مع شركة RIVR الرائدة في تكنولوجيا الروبوتات، تهدف إلى إدماج الذكاء الاصطناعي الفيزيائي في عمليات التوصيل، وتحديدًا في الجزء الأكثر تعقيدًا من السلسلة اللوجستية، وهو ما يُعرف بـ”الميل الأخير”.
تجربة ميدانية تبدأ من أوستن
انطلقت التجربة الأولى لهذه الشراكة في مدينة أوستن بولاية تكساس، حيث بدأت Veho باستخدام روبوتات RIVR في توصيل الطرود إلى المنازل. وتعد هذه المرحلة التجريبية خطوة أولى على طريق التوسع المخطط له لاحقًا خلال العام الجاري، ليشمل أسواقًا أمريكية إضافية، بناءً على الدروس المستفادة من هذه التجربة الأولية.
وبحسب ما أوردته منصة Interesting Engineering، فإن التعاون بين الشركتين لا يهدف إلى استبدال العامل البشري، بل إلى تعزيز أدائه، وتمكينه من إنجاز مهام أكثر بكفاءة وبتكلفة وجهد أقل. وقد أكدت Veho في بيانها الرسمي أن الروبوتات صُممت للعمل جنبًا إلى جنب مع السائقين البشريين، وليس لتحل محلهم.
تكامل ذكي بين الإنسان والآلة
في التفاصيل التقنية، يعمل روبوت RIVR بالتوازي مع السائق البشري، حيث يُكمل الأخير عملية توصيل إلى منزل ما، في الوقت ذاته الذي يتحرك فيه الروبوت على عجلاته ليقوم بتوصيل شحنة أخرى إلى باب منزل عميل آخر. ويستخدم الروبوت تطبيق Veho لتوثيق عمليات التوصيل الناجحة عبر إرسال صورة لكل طرد تم تسليمه، ما يُعزز الشفافية ويُطمئن المستهلك.
هذا التكامل الذكي يسمح بتحقيق إنتاجية أكبر دون الضغط على السائقين، ويقلل من وقت التوصيل الإجمالي، وهو ما يُمثل نقطة تحول حيوية في قطاع توصيل التجارة الإلكترونية، الذي يشهد نموًا هائلًا وتحديات لوجستية متزايدة.
سلامة التجربة أولًا: مرافقة بشرية ومراقبة مستمرة
وخلال فترة التجربة، يرافق كل روبوت موظف من شركة RIVR لضمان سلامة الروبوت، وجودة عمليات التوصيل، كما يقوم فريقا Veho وRIVR بمراقبة أداء الروبوت في الوقت الفعلي. هذه الرقابة تتيح تحليل البيانات، وتحسين أداء الروبوتات تدريجيًا استنادًا إلى سيناريوهات التوصيل الواقعية، بما في ذلك العوائق الجغرافية، والتفاعل مع البيئة الحضرية، والتعامل مع درجات الحرارة المختلفة.
رؤية Veho: من “مركز تكلفة” إلى “محرّك قيمة”
وعلّق إيتامار زور، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Veho، على هذه الخطوة قائلًا:
“على مدار تسع سنوات، أثبتت Veho أن منصتنا التكنولوجية المصممة خصيصًا للتجارة الإلكترونية تقدم تجربة توصيل أفضل ومزايا اقتصادية لكل من المستهلكين والعلامات التجارية. شراكتنا مع RIVR تمثل خطوة محورية في إعادة تصور قطاع التوصيل، وتمكين العلامات التجارية من تحويل الشحن من مجرد مركز تكلفة إلى محرّك حقيقي للقيمة”.
تُبرز هذه الرؤية الاستراتيجية رغبة Veho في قيادة موجة التغيير القادمة في قطاع اللوجستيات، حيث لم تعد الشركات تركز فقط على السرعة أو الكفاءة، بل على تقديم تجربة توصيل متكاملة، تلائم توقعات المستهلك الرقمي الحديث، وتُحسن من هوامش الربح في الوقت ذاته.
RIVR: حل الميل الأخير من خلال “الذكاء الاصطناعي الفيزيائي”
من جانبه، أوضح ماركو بيلونيك، الرئيس التنفيذي لشركة RIVR، أن شركته نجحت في التغلب على أحد أكبر التحديات في سلاسل التوريد، وهو “الميل الأخير” من عملية التوصيل، باستخدام تكنولوجيا مبتكرة تجمع بين التصميم المتنقل والذكاء الاصطناعي الفيزيائي.
“مع النمو المتسارع للتجارة الإلكترونية، أصبحت المرحلة الأخيرة من التوصيل – تلك التي تمتد من سيارة التوصيل إلى باب منزل العميل – هي الأكثر أهمية والأكثر تعقيدًا في آنٍ واحد”، قال بيلونيك، مضيفًا: “مهمتنا في RIVR هي نشر مليون روبوت توصيل يعمل ميدانيًا، مستفيدين من تقنيات الذكاء الاصطناعي الفيزيائي لتوسيع نطاق التشغيل الآلي في البيئات الحضرية”.
ووفقًا للبيان الصحفي الصادر عن الشركة، يتميز روبوت RIVR بقدرته على اجتياز التحديات الفيزيائية في البيئة الحضرية، مثل السلالم، والبوابات، والتضاريس غير المستوية، وهو ما يُميّزه عن روبوتات الأرصفة المحدودة بعمليات التوصيل على حافة الطريق.
تفوق حضري مقابل الوصول الريفي: الطائرات بدون طيار في مواجهة الروبوتات الأرضية
وفي مقارنة ضمنية مع الطائرات بدون طيار التي تُستخدم بشكل أساسي في توصيل الطرود إلى المناطق الريفية أو المعزولة، شددت RIVR على أن روبوتاتها صُممت خصيصًا للتعامل مع التحديات المعقدة في المدن. فهي قادرة على التعامل مع الكثافة السكانية، وتعدد نقاط التوصيل، وتنوع معمار المباني، مما يجعلها الحل المثالي للأمتار القليلة الأخيرة من كل عملية تسليم.
نقلة نوعية في سلاسل الإمداد
من شأن هذا التعاون بين Veho وRIVR أن يُعيد صياغة نموذج التوصيل في التجارة الإلكترونية، ويمهد الطريق لحقبة جديدة تعتمد على التوزيع الذكي، وتكامل الإنسان مع الآلة، وتوظيف الذكاء الاصطناعي بطرق ملموسة وفعالة.
وفي وقت تزداد فيه توقعات المستهلكين للحصول على خدمات توصيل سريعة ودقيقة وآمنة، تبدو هذه الشراكة بمثابة استجابة مبتكرة وواقعية لتلك المطالب، مع الحفاظ على دور العامل البشري، وتقديم نموذج تشغيلي أكثر استدامة وفعالية.
